مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع حلم الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي تحقق على أرض الواقع في تحويل المجتمع إلى مجتمع المعرفة حيث قال- حفظه الله- في كلمة ألقاها عشية الإعلان عن المؤسسة التي اختار اسمها بنفسه تقديرا منه للمؤسس ورجاله
الأوفياء:» إن الموهبة دون اهتمام من أهلها أشبه ما تكون بالنبتة الصغيرة دون رعاية أو سقيا، ولا يقبل الدين ولا يرضى العقل أن نهملها أو نتجاهلها، لذلك فإن مهمتنا جميعاً أن نرعى غرسنا ونزيد اهتمامنا ليشتد عوده صلباً، وتورق أغصانه ظلاً يستظل به بعد الله لمستقبل نحن في أشد الحاجة إليه، في عصر الإبداع وصقل الموهبة وتجسيدها على الواقع خدمة للدين والوطن». وهذه الرؤية المحترمة تنطلق من اهتمام الأمم قاطبة بموهوبيها حتى أصبح ضرورة وطنية في هذا العالم المتسارع لأن القيادات الشابة هي التي تحقق الريادة وخلق الفرص، وخير مثال يؤكد ذلك رئاسة الملك عبد الله بن عبد العزيز بنفسه لها- حفظه الله- ويظهر ذلك من خلال قوله:» ليحمل كل منا دوره والمسؤولية تجاه هذا الحدث الذي تعيشه هذه المؤسسة التي ليست حكراً على أحد، بل هذه شراكة بيننا جميعاً نحن المواطنين دون استثناء». ومن أكثر المعوقات في الواقع أمام هذا المشروع العظيم اقتصار المؤسسة على رعاية الطلاب في مرحلة التعليم العام (ابتدائي، متوسط، ثانوي) عن طريق البرامج الإثرائية ثم تتخلى عنهم بعد ذلك لتسلمهم الجامعات التي منها من يكمل مسيرة الرعاية ومنها من يقف عند ذلك الحد تاركين الطالب الموهوب يصارع مستقبله بنفسه، ولايفي بحاجاته مركز صغير في أروقة وزارة التعليم العالي تحت الإنشاء البطيء، وبخاصة أن الرؤية والرسالة والأهداف في المؤسسة لم تفرق بين مراحل التعليم العام والجامعي، فالرؤية:» أن تصبح المملكة مجتمعا مبدعاً فيه القيادات والكوادر الشابة الموهوبة والمبتكرة ذات التعليم والتدريب المتميز ما يدعم التحول إلى مجتمع المعرفة وتحقيق التنمية المستدامة»، والرسالة:» دعم بناء وتطوير بيئة ومجتمع الإبداع بمفهومه الشامل في المملكة لكي يتمكن الموهوبون وبفئاتهم المختلفة من استغلال وتسخير مواهبهم لخدمة الوطن». والأهداف:» مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع مؤسسة وطنية حضارية تحظى بدعم خادم الحرمين الشريفين.
ورسالتها الأساس هي اكتشاف الموهوبين ورعايتهم، و تتمثل هذه الرسالة عملياً في الأهداف التالية:
1- تحسين ما يقدم لتربية الموهوبين وتوسيعه.
2- رفع مستوى وعي المجتمع بشأن التعليم والابتكار.
3- دعم النماء الدائم للمملكة..»
إن هذه الأهداف لن تتحقق إلا في ظل تفعيل مجلس الأمناء والمجلس التنفيذي وميزانية سنوية خاصة إسوة بالمؤسسات والهيئات في الدولة تغطي نفقات الموهوبين ورعايتهم في التعليم العام والتعليم العالي على السواء، ولايكون الاعتماد المالي مقصور على المعونات والهبات والتبرعات، وماورد في المادة السابعة عشرة فيما يخص التنظيم المالي. والمؤلم أشد الإيلام أن من يتابع وسائل الإعلام يجد فرقا شاسعا من حيث التفعيل بين مجلس التعليم العالي برئاسة خادم الحرمين الشريفين ومجلس الأمناء في مؤسسة الملك عبد العزيز وكلاهما برئاسة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، ولابد من تفعيله تحقيقا لتطلعات هذا الملك الذي أولى التعليم وروافده ومخرجاته أشد الاهتمام والواقع خير شاهد على ذلك مع الأخذ بالاعتبار أن استبعاد الكوادر الشابة والقيادات الموهوبة والاعتماد على المتقاعدين وكبار السن من وزارة التربية والتعليم لن يحقق تلك الأهداف وبخاصة في ظل ارتفاع معدلات تلك الرواتب في مؤسسة خيرية ترى أن العمل في هذه المؤسسة تطوعي وتقوم ميزانيتها على المعونات والهبات.. وإنصافا لجوانب كثيرة من الحقيقة يجد من يتتبع مسيرة المؤسسة فيما مضى أنها نجحت في غرس ثقافة الموهبة والإبداع بين الطلاب والطالبات في التعليم العام دون طلاب التعليم العالي من خلال البرامج الإثرائية الصيفية بقسميها التفرغي وغير التفرغي، ودعوتهم للمشاركة في المسابقات الدولية كالرياضيات والفيزياء ومعارض الابتكارات في العالم علما أن طموحاتنا في المملكة العربية السعودية أكبر من واقع نتائج تلك المسابقات والمشاركات إلا أن الموجع في هذه المسيرة التي لم تكتمل هو أن غرس تلك الثقافة لازلنا نعاني من قصورها في طلاب وطالبات التعليم العالي لأن العمادات المساندة والمراكز الصغيرة في الجامعات غير الناشئة تحتاج إلى خبرات المؤسسة في هذا المجال فمابالنا بحاجتنا إلى هذه الخبرة في الجامعات الناشئة والجامعات الأهلية والمراكز والهيئات العلمية...
قد يقول قائل إن رعاية المؤسسة للموهوبين من طلاب وطالبات التعليم العالي يأتي ضمن مبادرة القيادات الشابة فإن الواقع يشهد أنه من إقرار الخطة الإستراتيجية من لدن خادم الحرمين- حفظه الله- لم تتحرك في صورة حقيقة للرعاية الحقة وبخاصة أن مبادرة بهذا الحجم والأهمية لايمكن أن يحركها ثلاثة موظفين غير متفرغين، في صورة مؤلمة تشبه مبادرة رفع الوعي في المجتمع في المؤسسة التي نجحت إلى حد ما في برامجها الصيفية مع إغفالها أهمية الاعتماد في مسائل تقييم البرامج على المعايير العالمية (ستي واي مثلا) لتقييم تلك البرامج الإثرائية لتكون مخرجاتنا حقيقية ولابد من بذل مزيد من الشراكة مع المدارس والجامعات وعدم إغفال أمرين مهمين: أحدهما الأمان الوظيفي لأفراد المؤسسة وحث (الهاي قروب) على سرعة إنجاز السلم الوظيفي، وضخ الدماء الشابة وتفعيل المبادرات الشابة، والتخلص من البيروقراطية وإعطاء مزيد من الصلاحيات للآخرين وبخاصة في وقت إقامة البرامج الصيفية إذ تتعطل المسيرة أحيانا من أجل طلب توقيع لمسؤول يتمتع بإجازته الصيفية...
أيها السادة إن الموهبة والإبداع لايمكن أن ينمو في ظل التجاهل والبيروقراطية والدكتاتورية والاستبداد الوظيفي ولذلك لابد من مراجعة السياسة والإستراتيجية فيما يخدم موهوبينا وموهوباتنا على السواء وتحقيق المشروعات الشبابية على أرض الواقع، ورسم كل النظريات وقواعد التنظير على لوحة حياتنا وذلك بتوسع إشراف مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله على التعليم العام والتعليم العالي لأنهما جناحان يكمل أحدهما الآخر، وتكون مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع مؤسسة حكومية مستقلة عن وزارة التربية والتعليم لتحقق أهدافها وتطلعات مليكنا خادم الحرمين الشريفين الذي يثلج صدره ماحققه المبتكرون السعوديون وماسيحققونه في معرض جنيف مؤخرا وغيره وبخاصة إذا عرفنا أن الإنفاق على الابتكارات وبراءات الاختراع والبحث العلمي في ميزانيات الجامعات ومراكز البحث قليل جدا وأن أغلب هؤلاء الفائزين نتيجة من نتائج الكراسي في الجامعات والتي تم دعمها وتمويلها من قبل ميزانية تلك الكراسي وأصحابها جزاهم الله خيرا، والله من وراء القصد...