لم تكن فاجعة سيول جدة من القضايا العادية والبسيطة التي يمكن تجاوزها أو معالجة تفرعاتها في فترة زمنية قصيرة مثل باقي القضايا الجنائية أو قضايا الإهمال والفساد، بل كانت وبكل ما تحمله الكلمة من أبعاد ومعانٍ قضية كبرى ليس فقط لآثارها السلبية وما خلفته من مآسٍ وخسائر، بل أيضاً لتشعباتها وتداخل أطراف ودوائر حكومية ومؤسسات وشركات ومكاتب استشارية وشخصيات اعتبارية عديدة، ولهذا فقد انهمكت هيئة الرقابة والتحقيق، وهيئة التحقيق والادعاء والأجهزة المساندة لهما في هذا العمل الذي يتطلب حرصاً ودقة متناهييين للوصول إلى من تسبب في حدوث هذه الفاجعة.
ولأن مثل هذا العمل يحتاج إلى مختصين في مجالات البحث الجنائي وخبراء في المسائل الفنية والهندسية وفرق للتدقيق والمحاسبة فقد احتاج هؤلاء جميعاً الوقت الكافي لحصر المتهمين وتحديد المخالفات والتجاوزات ووضعها في قضايا للبدء في تقديمهم إلى المحاكم لمحاسبتهم على أعمالهم التي أضرت بالبنية الأساسية لمدينة جدة والتسبب في وفاة العديد من المواطنين والمقيمين.
تحقيقات هذه الدوائر وبعد أن أخذت كفايتها من الوقت وتقصت عن كل صغيرة وكبيرة، أحالت محاضر استدلال شملت 302 شخص و30 شخصية اعتبارية، مجموعة الثلاثين هذه تمثل شركات ومؤسسات ومكاتب استشارية يمثلها أشخاص يصطلح على تسميتهم (أشخاص اعتباريون) هم إما أصحاب تلك الشركات أو مدرائها العامون أو وكلائها في المملكة.
هذا العدد من الذين تمت إحالة محاضر استدلال بحقهم سيخضعون للتحقيق معهم لتحديد المسؤولية الجنائية والإدارية وفقاً لما انتهى التحقيق ليتم بعد ذلك رفع الدعوى أمام الجهات القضائية المختصة ولمحاكمتهم وايقاع العقوبة التي لن يفلت منها أحد أياً كان مثلما طالب خادم الحرمين الشريفين.
قطع هذه المرحلة المهمة من تتبع أفعال المتسببين في فاجعة سيول جدة، وإيصال هذا العدد من المتهمين إلى المحاكم يؤكد أن مسيرة بتر الفساد ومتابعة المفسدين ومعاقبتهم وتخليص الوطن من شرورهم.
JAZPING: 9999