من المؤكد أن الدول تعمل على حماية أرواح مواطنيها الذين يوجدون خارج حدودها، ويكون حرصها أشد على مَنْ يمثلون الدولة في الخارج، سواء الذين يعملون في البعثات الدبلوماسية أو مَنْ يقومون بمهام لصالح الدولة؛ ولذلك فقد اتفقت جميع الدول على وضع بنود وأُطر واتفاقات لتحصين وحماية ممثلي الدول والبعثات الدبلوماسية وتوفير الحماية والأمن لهم؛ حتى يؤدوا عملهم في اطمئنان لخدمة ورعاية مصالح البلدين: بلدهم والبلد الذي يعملون به.
وقد وُضِعت العديد من الاتفاقيات التي تؤكد مسؤولية الدولة التي يعمل بها الدبلوماسيون، ووجوب توفير الحماية والحصانة لجميع مَنْ يحملون الصفة الدبلوماسية.
الأسرة الدولية جميعاً التزمت بالاتفاقيات التي تحدد معايير التعامل مع الدبلوماسيين، إلا أن بعض الدول التي تتبع أنظمة منفلتة شذت عن الأسرة الدولية، ولم تُقِم اعتباراً للدبلوماسية على أراضيها، أو تضايقهم، وفي أحيان كثيرة تحرض عليهم مجاميع من التنظيمات شبه العسكرية المرتبطة بالنظام، بل يصل الأمر إلى أكثر من ذلك كالذي حصل من قِبل النظام الإيراني الذي سهّل وشارك مؤيديه في احتلال السفارة الأمريكية في طهران، واحتجزوا دبلوماسييها فترة طويلة، في انتهاك صارخ، ليس للأعراف الدبلوماسية فحسب، بل للقيم الإنسانية أيضاً.
اليوم تتكرر الأفعال نفسها، وتتكرر مقدمات احتلال السفارة الأمريكية في طهران نفسها، ولكن تجاه السفارة السعودية والقنصلية في مشهد؛ إذ يقوم عدد من الرعاع، ينتمون إلى كتائب الباسيج، بمحاصرة السفارة والقنصلية والاعتداء شبه اليومي على مباني السفارة، مع التظاهر الذي كثيراً ما يرافقه اعتداءات برمي «قنابل المولوتوف» على مقرَّيْ السفارة والقنصلية، فضلاً عن التعرض للدبلوماسيين السعوديين في تحركاتهم، هذا إن غامروا بالخروج من السفارة ومنازلهم!
الحالة التي يعيشها الدبلوماسيون السعوديون في طهران ومشهد لا يمكن أن يتحملها إنسان يتعرض يومياً، وفي كل ساعة، للتحريض ومحاولات الاعتداء من جماعة بعيدة كل البُعد عن السلوك المتحضر وأخلاق الإنسان السوي؛ وهذا يفرض على حكومة المملكة ممثلة بوزارة الخارجية أن تبادر إلى إجراء يفرض على الإيرانيين احترام القيم الإنسانية والاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تلزم الدولة المضيفة بتوفير الحماية التامة للدبلوماسيين الذين يعملون على أراضيها، وإلا فلتتم إعادة هؤلاء الدبلوماسيين السعوديين إلى وطنهم لينعموا بالكرامة التي اعتادوا عليها.
JAZPING: 9999