حين أمشي بصحبة زوجي..أرفع قدمي وأتعلق بذراعه..أجدني ريشة خفيفة تحملها ذراعه اليمنى، وأنا مثنية قدمي إلى الوراء.. أركب معه الباص وأنا محلقة.. فينظر الناس نحوي وهم يتعجبون كيف تمشين إلى جانب زوجك وأنت مثنية قدميك إلى الخلف؟! أضحك من عجبهم.. إن هذه هي مشيتي معه، وإني لسعيدة بها، لا أحتاج لقدمي في شيء، يكفي أن أتعلق بإحدى ذراعيه لأصل إلى أي مكان أريده دون عناء..
في المساء دخلنا منتزها لقضاء وقت سعيد، أحلق فرحة مبتهجة والناس من حولنا ينظرون نحونا ويتعجبون، تركوا ما بأيديهم وانشغلوا بنا، بذلك التحليق العجيب إنهم لا يدرون مدى سعادتي وأنا أطير إلى جواره لا يشعر بذلك الشعور إلا من جربه حقا.. اضطررنا العودة إلى البيت حتى نتخلص من نظراتهم ومن مراقبتهم لنا..
دخلنا صالة التزحلق على الجليد.. قال زوجي:
ارتدي حذاء التزحلق
فقلت له:
إني لا أحتاج له يكفي أن تمسك بيدي فأحلق معك!
صرت أخف من ريشة مرفرفة.. توقف المتزحلقون من حولنا وهم يرونني أطير ممسكة بيده دون أن ألمس الجليد..آه يا لي من سعيدة فرحة! تذمر زوجي من مراقبة الناس لنا فعدنا إلى البيت.
قبل زواجنا كنت أقفز قفزات كبيرة فأثير إعجاب الناس ودهشتهم.. كانت خطواتي واسعة كطائر الإوز يمشي متبخترا ثم يطير مسافة طويلة أما مع زوجي فإني أطير طيلة الوقت!
كنت معتادة على نظرات الناس ودهشتهم..أجد شعورا عميقا بالغبطة لأني استطعت أن ألفت نظرهم!
ذات مساء عدنا من السينما وبدا زوجي غاضبا بشدة.. سألته عما أغضبه قال لي بخشونة وحنق:
عليك أن تستعملي قدميك
لمَ أستعملهما؟ إني أطير بخفة وأنا معك فكيف أعود إلى المشي؟
أصبحنا فرجة بسبب طيرانك هذا، ضقت بمراقبة الناس لنا
دعك من الناس ألا تهمك سعادتي أنا؟
تهمني..ولكني لم أعد أحتمل!
عودتني على التحليق بجانبك فكيف تطلب مني المشي؟
الناس لا يتركوننا في حالنا ولا أريد أن أكون مراقبا طيلة الوقت لابد أن تدوسي على الأرض.
بكيت بحرقة وقلت:
أنت تمنحني هبة تسعدني ثم تعود لتحرمني منها..تريدني أن أكون تعيسة؟!
أصر قائلا :
عليك أن تتخلي عن هوايتك!
سافر زوجي وتركني وحيدة.. وجدتني لا أقوى على المشي، قدماي ثقيلتان متعبتان..أتذكر تحليقي معه بحسرة وشوق.. حاولت أن أعود إلى هوايتي المفضلة قبل زواجنا وهي القفز مسافة طويلة فوجدتني عاجزة بقدمين ثقيلتين.