(1)
كان اليوم من أوله يبدو شتائياً
الطريق الطويل نحو الساحل..
شحذُ عينيّ من قلة حظ النوم..
كان يبدو شتاءً محرضاً للتجمّد
اليوم الخميس الموشوم ببرد كانون الثاني
قررت أن يكون من حظ البحر
الشاطئ هناك منسي من كل الأشياء المزدحمة..
بين كل غفوة وإفاقة موج..
تلتفت من حولك
هل أنا الوحيد هنا؟
كان البحر يبتلع الشمس
وكل الأصوات بدأت تنام.. إلا صوتي!
(2)
كل الأصوات تنام مع صرة الشمس
إلا صوتي..
يابحرُ هل تسمعني؟
وحدي من يتوكأ به الرصيف
يكنس الملح، يصرخ لك..
وحدي من ينادي:
ذابلاتٌ كل الأيادي
إلا يدي..
يسرق الليل تلويحاتي
من حلوق القناديل..
كان بجانبي نورسان
كنت أبكي..
بشاطئ البؤساء، نصاً
طار النورسان..
أصبحت وحدي
بصراخ الحناجر، أموت غصاً
والخذلان بالعينين يكبر..
بحرٌ يموج الدمع والأغاني
يابحرُ.. هل تراني؟
أنا ذاك النحيل جسداً
أنا ذاك المتخمُ حنيناً
أنا تلك المصابيج التي تبكي
من عتمة الليل أهزوجة
أنا ذاك الصباح الموارى
خلف عتيم أهزوجة..
يابحرُ هل تراني؟
أنا تلك الأصداف
يسد تجاويفها الملح..
أنا تلك الأشرعة أجوع للريح
أنا ذاك التقوّس بحزن الهلال
أنا تلك الريح أموء بالأشرعة..
هل تراني؟
أنا أراك..
يابحر من بالقاع، هل من بالقاع أنت؟
يابحرُ هل أمعنت؟
أنا ذاك الذي فوق الرصيف ينادي
أنا من فوق الرصيف كل الأيادي
أنا المتكأ والمبكي عليه..
يابحر كل الأصوات تغيب
حين أؤول إليك..
تنام مع صرة الشمس
تضيع في عتمة الأمس
كل الأصوات يابحر تنام
إلا صوتي..
إلا صوتي..
إلا صوتي!