يتحول جسده المنهك إلى كتلة من الجمر.. يتململ في سريره.. يصبح فراشه بحيرة من العرق.. يعلو صدره ويهبط بحركة متسارعة.. بالكاد يتنفس.. يئن أنيناً مكتوماً.. يتمتم:
- سيل.. سيل..
- لحد يخرج من السيارة خلونا نستنا الإسعاف..
- لا.. لا.. المدينة غرقت.. يا ناس يا هو ساعدونا..
يصرخ.. يبكي بشكل هستيري..
تجري الممرضة على سماع صوته إلى الغرفة.. تجس حرارته.. تفتح أحد الأدراج..
تستخرج حقنة.. تسرع إلى وضعها في وريده..
يهدأ قليلاً.. يهذي لحظات ثم يعود إلى سباته.. إلى حال وسط بين اليقظة والنوم.. فيما يشبه الحلم..
يواصل كوابيسه:..
- مبروك على الزواج يا أبو الشباب منك المال ومنها العيال..
- أي زواج يا عالم ؟! (ما هو شالها السيل وخلاص..).
- أنت مصدق؟!
- لا ليس معقول يا أخي أنت قاعد تحلم..
الدنيا مشاريع.. وتصريف..
- أقول لك شفت أطفالي.. (بزورتي) يغرقون مع أمهم قدام عيني.. ماتوا.. الله يرحمهم..
يصيح مرة أخرى.. يبكي..
تعود حرارته للارتفاع.. تسارع الممرضة لحقنه ثانية ليعود إلى عالمه مرة أخرى:
- مبروك جاءك ولد..
-أي أولاد؟ كلهم راحوا (.. يا ليتني غرقت معاهم..)
- ما هذه الأفكار السوداء الله يهديك؟ زوجتك وأولادك في البيت ينتظرونك..!
- شوف يا بابا نجحت وبتفوق كمان إيش راح تكون هديتي!..