Sunday  03/04/2011/2011 Issue 14066

الأحد 29 ربيع الثاني 1432  العدد  14066

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

أعلنت مصلحة الأرصاد وحماية البيئة عن العاصفة الرملية التي اجتاحت الرياض والمنطقة الشرقية مساء الجمعة قبل الماضية بعد أن غمرت الرمال سماء منطقة الرياض، والمنطقة الشرقية، وكان الإعلان متأخرا جدا، وتبع هذا الإعلان تصريح بتعليق الدراسة في منطقة الرياض والمنطقة الشرقية، وقد كشف إعلان مصلحة الأرصاد وما تبعه من تعليق للدراسة عن أمرين في غاية الأهمية.

الأمر الأول، يخص مصلحة الأرصاد، حيث تبين أن المصلحة لا تملك القدرة العلمية والفنية على التحقق من سرعة العواصف، والمساحة الجغرافية التي سوف تتأثر بها، ومتى يبدأ التأثر؟ ومتى ينتهي؟ والدليل على ذلك أن الناس كانوا يتحدثون بعد أن فرغوا من صلاة العشاء يوم الجمعة عن عاصفة سوداء مظلمة تجلل الكويت، وأن مستوى الرؤية في الكويت متدنية جدا، لدرجة يتعذر معها السير على الأقدام فضلا عن السيارات، وكنا نظن أن العاصفة بعيدة عنا، وقد تتأثر بها أجواء بعض المناطق في المملكة، لكن أين؟، الله أعلم، وما هي إلا سويعات حتى هبت العاصفة على الرياض، وغمرت سماءها سحابة حمراء من الرمال الكثيفة، عندئذ صدر التوجيه بتعليق الدراسة يوم السبت تحت مظنة وهاجس استمرار العاصفة إلى الغد، وكانت مؤشرات العاصفة في بداياتها توحي بأن مقامها سوف يطول، ومصلحة الأرصاد الموقرة لم تنوه متى تتوقع أن تنتهي العاصفة وهذا المؤمل منها باعتبارها جهة رصد تمتلك الأجهزة الفنية التي تمكنها من تتبع العاصفة من حيث سرعتها وكثافتها، وبالتالي تستطيع أن تتنبأ بالوقت المتوقع لانتهائها من سماء المناطق التي عصفت بها، في الرياض والمنطقة الشرقية، لم يحصل هذا، وعلقت الدراسة على اعتبار أن أجواء نهار السبت تماثل أجواء مساء الجمعة في درجة كثافة العاصفة الرملية، ومن باب الحذر علقت الدراسة، وكان القرار خاطئا تماما، حيث تبين للذين أدوا صلاة الفجر أن الأجواء خالية تماما من العاصفة الرملية مقارنة بما كانت عليه أجواء الرياض حوالي الساعة العاشرة من مساء الجمعة، السماء صحو، والأجواء عادية تماثل الأيام الأخر في كون السماء لا تخلو من كدر الغبار المعتاد، وهنا يكمن العتب على المصلحة لماذا لم تحدد الساعة المتوقعة لبدء العاصفة؟، والساعة المتوقعة لانتهائها؟، ويبدو أن الأمر ليس بالتعقيد الذي يتعذر معه معرفة ذلك وبمنتهى الدقة، لأنه ترتب على عدم الإعلام بالبدء والانتهاء الكثير من المضار والمخاطر التي ما كان لها أن تحصل لو تمت الإحاطة بهذه العاصفة في وقت مبكر، ووفق الرصد المأمول لها بدءا وانتهاء، هل الإشكال في نقص الكوادر الفنية؟ أم في الأجهزة؟ أم فيهما معا؟ صار الذي صار، وما يعني الجميع أن مثل هذا الخطأ يجب ألا يتكرر، فقد كانت النتائج قاسية جدا، وبناء عليها ينبغي مراجعة عمليات التحليل، وتوقيت الإعلان، حتى يأخذ الناس حذرهم واستعداداتهم بوقت كاف.

الأمر الثاني، يتمثل في تلك الفرحة العارمة التي غمرت نفوس الطلاب حال الإعلان عن تعليق الدراسة، فقد قفز بعضهم عاليا من شدة الفرح، وتعالت الأصوات بالصراخ، والأكف بالتصفيق، بطبيعة الحال هذا الشعور ليس بمستغرب على الطلاب ليس هنا فقط، بل من المؤكد أن حالة الفرح تلك تكاد تكون عامة شاملة جل المجتمعات الطلابية على اختلاف البيئات والثقافات، لكن اللافت للنظر هنا، هو المبالغة في إظهار مشاعر الفرح، لدرجة تبادل التهاني والاستبشار بين الطلاب عبر رسائل الجوال وما يماثلها من أدوات التواصل.

لابد من وقفة استقصاء وتحليل لهذه الظاهرة، لماذا يفرح الطلاب عند تعليق الدراسة؟ هل هذا الفرح تعبير عن امتعاض وكره لبيئة الدراسة المتمثلة في المدرسة وأجوائها؟ أم له علاقة بالمعلمين وطرائق تدريسهم؟ أم بالمنهج الدراسي وبما يحويه من مادة علمية وأوجه نشاط؟ المهم أن لهذا الفرح دلالاته النفسية تجاه حب الدراسة والمدرسة، وله تبعاته التعليمية والتربوية على التحصيل الدراسي والتمكن من العلوم واستيعابها.

إن مؤشرات الفرح بسبب تعليق الدراسة تعكس حالة غير طبيعية في وجدانات الطلاب، لهذا لعل الإدارة العامة للإرشاد والتوجيه بوزارة التربية والتعليم ممثلة في المرشدين التعرف على الأسباب الدافعة لهذه الحالة، والتنسيق مع المعلمين لتوظيف ما يتوصلون إليه في المواقف التعليمية عسى أن يوفقوا في معالجة الحالة والتخفيف منها حتى لا تنعكس سلبا على التحصيل الدراسي والتمكن فيه.

 

أما بعد
تعليق الدراسة وكره الطلاب لها
د. عبد الله المعيلي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة