أشرقت بلاد المسلمين بنفحات مسابقة الملك عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم والتي تعد من أهم وأكبر المسابقات في خدمة كتاب الله ورعاية حفظته في شتى بقاع المسلمين، ومن يتأمل هذه المسابقة وفعالياتها وثمراتها ونتائجها سيجد لها أبعاداً عميقة حرصت حكومة بلدنا المبارك على القيام بها وتطويرها، وأصبحت هذه المسابقة مؤتمرا إسلامياً ضخماً اهتمت العديد والكثير من وسائل الإعلام بمتابعته، وتأتي أهمية هذه المسابقة فيما تغرسه من حب وتعظيم لكتاب الله العظيم في نفوس الناشئة من أبناء المسلمين في أكثر من 60 دولة، ودولتنا المباركة بذلت لهذه المسابقة وسخرت كل السبل من أجل تحقيق أهدافها السامية.
وهذا المملكة المعطاءة بقيادتها الحكيمة رائدة وقائدة للأمة الإسلامية في خطواتها ومنهاجها المستقيم المعتدل، المبني على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتطبيقها لأحكام الشريعة الإسلامية السمحة، فهي تسير بخطى ثابتة وبطريق واضح نحو تحقيق الرحمة والهداية والسماحة والحوار، وتستقي ذلك من كتاب ربها فاعتنت به في الداخل ونادت به في الخارج، لنتعلم منه الحياة والله عز وجل يقول: {لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} ، وتكفل الله بحفظ كتابه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ، وإن من حفظ الله لكتابه ومن تمام ضمانته له، ما منَّ الله تعالى به على المملكة العربية السعودية من توفيق الله لولاة الأمر فيها بالاهتمام بتحفيظ القرآن الكريم، وتعليمه، وتعليم العلوم الشرعية في المدارس الحكومية، والجامعات، وفي المدارس والجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن، وكذا الاهتمام والعناية بناشئة وشباب الأمة الإسلامية من خلال تنظيم مثل هذه المسابقة القرآنية العالمية التي تحفزهم نحو الإقبال على القرآن الكريم حفظاً، وتجويداً، وتفسيراً، وتنافساً.
وقد اعتنت دولتنا المباركة بتحفيظ القرآن الكريم وتعليمه وتفسيره للبنين والبنات والصغار والكبار، ولك أن تتأمل في الحلقات المنتشرة في مساجدنا وجوامعنا حتى لا يكاد يخلو مسجد أو جامع إلا وتجد فيه حلقة لتحفيظ القرآن الكريم، بل أقامت العديد من المسابقات والمنافسات التي يدعمها ولاة أمرنا ولله الحمد، مما يجعلنا نسير على خطى ولاة أمرنا في معرفة أهمية هذه الحلقات القرآنية التي تساهم في حفظ مجتمعنا وفلذات أكبادنا، حيث يعتبر القرآن الكريم أماناً عقدياً وفكرياً واجتماعياً وسلوكياً، وهي فرصة لمضاعفة الدعم لها والاقتداء بولاة أمرنا في السخاء المستمر في كفالة معلمي القرآن الكريم والأنشطة المصاحبة لذلك، وهي دعوة لجميع أولياء الأمور لحث أبنائهم في المشاركة والالتحاق بهذه الحلقات والدور القرآنية التي تشرف عليها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف وباهتمام بالغ من الوزير -صالح آل الشيخ-وفقه الله-مما يؤكد العناية بجميع مستوياتها لكتاب الله عز وجل، وخيرية هذه الأمة في كتاب الله (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، والفضل والأجر كبير من الله عند تلاوته وحفظه وتعلمه والعمل به.
ويؤكد قادة هذه البلاد دائماً (نحن دولة تقوم على كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم) ففيها مهبط الوحي ومأرز النبوة وأرض الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين في كل أنحاء المعمورة وبفضل من الله ظلت في كل أدوارها على مر تاريخها وفي كل أحكامها وفي جميع شؤونها تستند إلى ما جاء في القرآن الكريم والسنّة المطهرة، ولذلك اصطفت حياتها ومناهجها ومناشطها بكتاب الله الكريم فقامت مناهج التعليم على كتاب الله الكريم وفتحت الأبواب للراغبين في فعل الخير إقامة حلقات لتحفيظ القرآن الكريم بالمساجد وقدمت لهم الإعانات وأوجدت إذاعة خاصة للقرآن الكريم وقدمت المساعدات على إقامة دور حفظ القرآن الكريم بالخارج وتوجت ذلك بإقامة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة ولا زلنا في هذا العهد عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تشهد رعاية القرآن الكريم اهتماماً كبيراً في شتَّى مراحل الحياة فلهم منا الدعاء بأن يوفقهم ويسددهم ويجزيهم خير الجزاء على ما يبذلونه لخدمة القرآن الكريم وأهله، وأسأله تعالى أن يمن على شبابنا بالتوفيق والهداية والسداد والصواب وأن يبارك لنا في كتاب الله ويرزقنا تلاوته والعمل والشفاعة به.والله يرعاكم.
إمام وخطيب جامع والدة الأمير عبدالعزيز بن فهد بحي الفلاح