ما هو المؤشر الحقيقي والدقيق الدال على أن هناك إرادة وطنية لتطوير التعليم؟ قد يقول قائل: إن تخصيص أموال كافية للتعليم هو المؤشر الدال على وجود إرادة وطنية حقيقية لتطوير التعليم، وهذا ليس بالضرورة صحيحاً، فقد تخصص الدولة للتعليم أموالاً كثيرة -بسبب وفرة المال لديها أصلاً- دون أن يحدث ذلك أي أثر إيجابي على التعليم، التعليم لا يتطور بمجرد أن ترمي عليه حزم من أوراق البنكنوت (كوريا أقل من غيرها انفاقاً على تعليمها ومع ذلك تحقق إنجازات أفضل).
في يقيني أن المؤشر الذي يدل على وجود إرادة وطنية حقيقية لتغيير وتطوير التعليم هو الأسلوب أو المنهج المتبع في اختيار ومساءلة قيادات التعليم، سوف يكون هذا الاختيار راشداً ومنطقياً عندما يتجرد من التأثر بالقبيلة والعشيرة والعائلة والمنطقة، وعندما يتحرر من المجاملة والمحسوبية والعلاقة الشخصية. يجب على نظام التعليم أن يحدد ويضع الآليات التي تقود إلى اختيار قيادات التعليم المتمكنة بناء على معيار الكفاءة والجدارة المهنية فقط، في مناخ يضمن تساوي الفرص أمام الجميع، ويضمن وصول الأشخاص الأكفاء إلى موقع القيادة التعليمية، إن عملية الوصول إلى الأشخاص الأكفاء والأجدر بالموقع القيادي أصبحت اليوم من أبجديات العمل التربوي المهني. إذا لم نختر قيادات تعليمنا وفق معيار الجدارة والكفاءة فسيبقى تعليمنا مجرد عبء على ميزانيتنا ولن يعزز تنميتنا الوطنية.