أتمنى لو يُطرح قرار سحب الثقة من شركات المقاولات الوطنية للتصويت ومن ثم تُمنح عمليات تخطيط المدن وتأسيس البنية التحتية لها لشركات أجنبية عالمية؛ فكيف نستورد منهم كل شيء ونترك العقول والخبرة؟ إننا بحاجة ماسة إلى قرار تحويلي شجاع يعالج هذا الإهمال المستشري الذي تتكرر مأساته في مواضع ومجالات عديدة من جراء ثقتنا بشركات وطنية أو عربية تتبادل المصالح لتذهب الأموال وتبقى البنية التحتية هشة سرعان ما تنهار وتنكشف مع أول اختبار حقيقي لها مثلما حدث في جدة.
المشروعات الجبارة في بلادنا كأرامكو وسابك ومدن الجبيل وينبع تأسست عبر شراكات ناجحة جمعت بين أموالنا وتسخير الخبرات العالمية التي أسهمت في تأسيس بنية عظيمة لا مجال للفساد أو الإهمال أو الأخطاء فيها، وتلك الشركات العالمية سمعتها هي رأس مالها الحقيقي؛ فهي لا تُباع ولا تُشترى ولا تخضع للمحسوبيات.
ولهذا أرى عدم ترسية المشروعات المرتبطة بحياة الناس ومعاشهم والخدمات النوعية المقدَّمة لهم على الشركات الوطنية ما لم تتوافر فيها الكفاءة والمقدرة والإخلاص مجتمعة؛ لأن الأرقام التي تُنفَّذ بها هذه المشاريع أرقامٌ مذهلة بعيدة عن الواقع الفعلي للمشاريع ثم تنتهي الحال بهذه المشاريع إلى أن تنفذها عمالة سائبة لا تعرف ولا تفقه شيئاً عن معايير الجودة واشتراطاتها التي حددت للمشروع، وتضطر أمانات المدن إلى استلام المشاريع بصورتها الهزيلة، والخاسر الوحيد هو المواطن والوطن.
كتبتُ قبل سنوات أطالب بالثقة الكاملة في الشركات الوطنية، وانتقدتُ حينها تهديد وزارة التربية والتعليم للشركات الوطنية التي تتأخر في تسليم المدارس بأنه سيتم سحب المشاريع وترسيتها على شركات أجنبية. لقد كان رأياً حميداً لو تم تنفيذه وتعميمه على المجالات كافة، وأهمها تصريف السيول !!
إنَّ بلداناً أقل منا ميزانيات، وأقل صرفاً على مشاريعها، هي أفضل منا بمراحل في بنيتها التحتية بسبب جودة الشركات العالمية التي نفذت مثل هذه المشاريع.
من أجل وطننا ومواطنينا، ومن أجل تربية شركاتنا الوطنية وتعليمها.. أتمنى طرح قرار سحب الثقة من الشركات الوطنية ومنح الثقة للشركات الأجنبية للتصويت العام، ولو لبعض المشاريع؛ لنرى الفارق ونحكم.