تشهد جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية نشاطاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، والمتابع لما تطرحه هذه الجامعة المباركة من فعاليات وما تقرّه من خدمات ودورات عبر برامجها العلمية المختلفة، يجد أنها تناسب جميع شرائح المجتمع من موظفين حكوميين وطلاب وعسكريين، وحتى من يعمل في القطاع الخاص يجد فرصته المتاحة للالتحاق بأحد هذه البرامج التدريبية المكثفة والمهنية، ضمن ضوابط وشروط معيّنة وضعتها الجامعة للقبول فيها. فقد تميّزت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عن غيرها بمبدأ أن التعليم لدى الفرد لا يتوقف عند حد معيّن، فهو من وجهة نظرها عملية مستمرة تعني بأنه يحق للجميع أن يواصل تعليمه وتنمية مهاراته.
فالجامعة ممثلة في عمادة المركز الجامعي لخدمة المجتمع والتعليم المستمر، تسعى لتحقيق رغبة القائمين على الجامعة وفّقهم الله وعلى رأسهم معالي مدير الجامعة في التواصل مع أفراد المجتمع وتحقيق متطلّباتهم، من خلال تأهيلهم علمياً وعملياً ليصبحوا على درجة عالية من الكفاءة الإدارية وتطوير قدراتهم الذاتية المتعدّدة.
ومن أمثلة هذه البرامج والأنشطة المتنوّعة ما يحتاجه سوق العمل في المملكة كالبرامج التدريبية في علوم الحاسب الآلي وتقنية المعلومات، والتسويق والمبيعات، والمالية والمحاسبة، ومنها ما يُعنى بحقوق الإنسان كالبرامج القضائية والقانونية مثل دبلوم المحاماة للمحامين والمستشارين القانونيين، والدورات التي تعقد لدراسة نظام المرافعات الشرعية، والإجراءات الجزائية، والتحكيم، وصياغة العقود، والنظام التجاري، والجامعة هي الجهة الوحيدة حالياً في المملكة التي تطرح برنامجاً متخصصاً في المحاماة، ومنها ما هو ثقافي يهدف إلى نشر الوعي والفكر الإسلامي الصحيح بين أفراد المجتمع وتبرز في المؤتمرات والملتقيات والندوات الخاصة، والمحاضرات والمشاركات التي تقيمها الجامعة انطلاقاً من دورها كمؤسسة تعليمية كبرى تسعى لخدمة المجتمع، فضلاً عما تقوم به من جهود كبيرة لا تخفى على أحد في البرامج الشرعية والدعوية كالدورات التأهيلية للأئمة والمؤذنين والخطباء، وإتقان مهارات الدعوة والحسبة.
وأيضاً من ضمن الأنشطة التي تطرحها الجامعة برامج اللغة العربية واللغات كتحرير الخطابات الرسمية والعروض، ومعالجة الأخطاء الشائعة عند العاملين في حقل الإعلام، وغيرها من البرامج المهنية والمتخصصة. ولا شك أن هذه الفعاليات والبرامج لم تر النور إلا وفق خطة مرسومة وآلية واضحة من إدارتها، وهي بذلك تسعى جاهدة لتحقيق النجاح المنشود التي وُضعت من أجله، فيُفترض من مؤسسات الدولة خاصة التعليمية منها التركيز على ما ينقص مجتمعنا السعودي من كوادر مدرّبة، والتفاعل مع متطلّبات أفراده وتأهيلهم مهنياً وفنياً ضمن إستراتيجية معيّنة تعتمدها حتى تكتمل مسيرة التنمية في مملكتنا الغالية، فتطوير العنصر البشري مهما كان إدارياً أو فنياً، أحد أهم الأسباب المهمة لرقي ورفعة أي بلد في العالم، وهذا ما قامت به جامعة الإمام من فتح قنوات للتواصل مع أفراد المجتمع وتوثيق علاقتها بهم. وسوف تصل بعون الله وتوفيقه إلى نتيجة مفادها إيجاد جيل متعلم ومتمكن في مختلف المجالات على مستوى عالٍ من التدريب والتأهيل وفي كافة التخصصات.
وكل من يقف على تلك البرامج وغيرها من البرامج التربوية وتطوير الموارد البشرية، يدرك أنّ الجامعة قامت بتحقيق هدفها وإيصال رسالتها للمجتمع على أكمل وجه، وهي بذلك لم تنشأ من أجل الدراسة وتخريج طلابها في مراحل جامعية معيّنة فحسب، كالبكالوريوس والماجستير والدكتوراه، ولكن لإتاحة الفرصة الكاملة لجميع أفراد المجتمع لمن لديه الرغبة والحرص على أن ينهل من علوم المعرفة صباحاً أو مساء، وتلبية احتياجاته المعلوماتية التي يبحث عنها.
وأتمنى أن تتخذ بقية الجامعات جامعة الإمام نموذجاً ومثالاً تحتذي به في تفاعلها مع هموم الوطن والمواطن على حد سواء، بتوفير الفرص المناسبة للشباب بتطوير قدراتهم، واستفادة أي جامعة من جامعاتنا من التجهيزات والإمكانيات التي وفرتها لها الدولة. كما أتمنى أن يكون لرجال الأعمال، وأصحاب الوكالات التجارية المعروفة، والمؤسسات الكبرى، والشركات المحلية والأجنبية والبنوك، دور مهم في خدمة المجتمع ولا يكونوا سلبيين تجاهه، وهذا أقل ما يمكن أن يقوموا به، عرفاناً وامتناناً ورداً لجميل الوطن الذي نعموا من خيراته على مدى سنوات طويلة مضت، فهم شركاء فيه، سائلاً الله سبحانه أن يوفق الجميع لما فيه خير البلاد والعباد.
- الرياض