شرع الله الوقف ليكون أحد أبواب الخير التي رغّب الله إليها، فمن جهة أنه أحد أبواب الخير فقد أشار إليه الله بقوله: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ}، وقوله تعالى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له). رواه مسلم.
والوقف في الحقيقة لا يقتصر نفعه على الواقف فحسب، بل يتعدى ذلك إلى أولاده إذا أوقف عليهم والوقف على الأولاد جائز في أصح أقوال العلماء - رحمهم الله تعالى -.
والموقف إذا أوجد مصدر دخل جيد ومستثمر يضمن بإذن الله عدم حاجة أولاده للآخرين وخاصة إذا كانوا صغاراً أو بلغوا وكانوا طلاباً أو غير راشدين.
ومن أفاض الله عليه ما لا يعقل عن الوقف حتى يدركه الأجل لذلك ينبغي على المسلم الذي رزقه الله مالاً أن يجعل وقفاً من ماله.
وهناك مسألة مهمة يغفل عنها الموقوفون تكلم عدم إثبات ذلك في المحاكم بحجة أنه إذا ذهب الموقف إلى المحكمة وأثبت وقفه تتدخل الدولة فيه وهذا غير صحيح..
الجهة الرسمية لا تضع يدها على الوقف إلا إذا كان منقطعاً أما إذا لم يكن منقطعاً فيبقى في يد الموقف أو الناظر من بعده جيلاً بعد جيل.
وذهاب الموقف إلى الدائرة الشرعية في ذلك مصالح عدة منها:
أولاً: التحقق من صحة الوقف.
ثانياً: ضبط مصرفه والناظر عليه.
ثالثاً: عدم اختلاف الورثة بعد وفاة الموقف الأمر الأهم أن الموقف ضمن لنفسه خيراً يأتيه من بعد مماته.
والوقف.. يتعدى الأولاد إذا رغب الموقف أن يجعل شيئاً من ماله في نفع المسلمين النفع العام لجمعيات تحفيظ القرآن الكريم لإنشاء مراكز صحية وبحثية لإنشاء دور للأيتام ولأصحاب الظروف الخاصة.
وواقعنا اليوم يشهد طفرة مالية كبيرة لدى شريحة كبيرة في المجتمع، فمن شُكر الله سبحانه وتعالى واستمراراً للخيرية التي أحوج ما يكون الإنسان إليها خاصة إذا كان في قبره.. أن يجعل جزءاً من ماله وقفاً وليكن مثلاً إذا كان كثيراً ربع ماله أو ثلث ماله وبضبطه بتكوين هيئة شرعية تديره وتشرف عليه ويجعل له مجالاً في الاستثمار، فالصحيح من أقوال العلماء جواز الوقف في المنقولات كالأسهم وغيرها.
إن استثمار أموال الوقف طريق من طرق المحافظة عليه من الاضمحلال والخراب، وإذا اهتم الموقف في وجود طرق كثيرة للاستثمار، فبإذن الله يضمن له الاستمرار في أداء نمائه وبقائه، والدليل على جواز استثمار الوقف (ما رواه مالك في الموطا من قصة عبدالله وعبيد الله ابني عمر رضي الله عنهما أنهما استثمرا مالاً من أموال الله وقد أقرهما عمر ومن حضر من الصحابة مما يدل على جواز استثمار أموال الله والأوقاف.. أخرجه مالك في الموطأ في كتاب الفرائض.
وهنا يأتي شرط مهم لاستثمار أموال الوقف من تحقيق الجدوى الاقتصادية ويتحقق ذلك من الهيئة المشرفة ومن سؤال أهل الاختصاص واتباع الطرق الفنية والوسائل الحديثة في هذه الدراسة انظر مجلد البحوث الفقهية المعاصرة في بحث الدكتور عبدالله بن موسى العمار عدد رجب - شعبان ورمضان لعام 1425هـ.
من خلال ما استعرضته بعالية ألخص مقالي بالأمور الآتية:
أولاً: إن الوقف باب عظيم من أبواب الخير ينبغي للمسلمين القادرين لا يغفلوا عنه.
ثانياً: جعل جزء من المال في الوقف على الأولاد.
ثالثاً: أهمية الوقف لمصلحة الأمة.
رابعاً: الحرص على استثمار الوقف حتى يبقى مستمراً.
خامساً: إن الجهة الرسمية لا تتدخل في الوقف الذي بيد أهله.والله من وراء القصد.
* عضو المحكمة العليا