مكة المكرمة - خاص بـ«الجزيرة»
أبدى عدد من المتنافسين في الدورة الثانية والثلاثين لمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظة القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره سعادتهم الكبيرة، وفرحتهم الغامرة بالتنافس في كتاب الله، وأجمعوا على أن إقامة هذه المسابقة في أروقة المسجد الحرام وأمام الكعبة المشرفة زاد من عظمة هذه المسابقة، وأعطاها روحانية أكبر، إنهم قد تشرفوا جميعاً بأن يتنافسوا في حفظ كتاب الله وتجويده وتفسيره داخل المسجد الحرام، وأن هذا شرف لا يعدله شرف، سائلين الله سبحانه وتعالى أن يزيد هذا البيت تشريفاً وتعظيماً.
ورفعوا عظيم الشكر والعرفان إلى حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله -، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لما وفر لهم من خدمات وتيسيرات من لحظة وصولهم إلى أراضي المملكة وحتى مغادرتهم، مؤكدين أن من أبرز ما جناه المتسابقون هذا العام التنافس على مائدة القرآن الكريم في أروقة المسجد الحرام، إلى جانب أداء مناسك العمرة، وزيارة المسجد النبوي الشريف والصلاة فيه، والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
جاء ذلك في سياق الانطباعات التي أبداها المتنافسون في المسابقة خلال سلسلة من اللقاءات التي أجريت معهم في المسجد الحرام أثناء تنافسهم في كتاب الله في المسابقة التي اختتمت منافساتها يوم الأحد السابع والعشرين من شهر محرم.
وفي إشارة إلى ما نقلوه عن أسلافهم الذين شاركوا في منافسات المسابقة قبل سنوات ودخولهم الكعبة المشرفة، ناشد جميع المتسابقين القائمين على المسابقة إتاحة الفرصة لهم للتشرف بدخول الكعبة المشرفة أسوة بمن سبقوهم من المتسابقين ونالوا هذا الشرف العظيم، سائلين الله أن يجد هذا الطلب والأمنية صداهما لدى المعنيين بالمسابقة.. وأن تُعاد هذه الميزة التي تنفرد بها مسابقة الملك عبدالعزيز عن غيرها من المسابقات القرآنية، إلى جانب الميزات الأخرى والمتمثلة في إقامتها في مكة المكرمة وفي رحاب بيت الله الحرام أطهر البقاع وأقدسها.
جو روحاني
ففي البداية، قال المتسابق محمد طيب باه من غينيا بيساو الذي يدرس في المرحلة الثانوية: إنه سعيد جداً بمشاركته حيث إن الجو الذي يحيط بفعاليات المسابقة هو جو روحاني مميز، وإن التنافس في كتاب الله وتلاوته في رحاب الحرم المكي الشريف أنسب وأفضل مكان.. حيث نزل هذا القرآن العظيم بجوار الكعبة المشرفة.
وأضاف المتسابق الغيني الذي يحفظ القرآن كاملاً أنه واجه بعض الصعوبات خلال مراحل حفظه لكتاب الله خصوصاً أيام الامتحانات، حيث إنه كان يدرس ويراجع الدروس أكثر من قراءة القرآن، مشيراً إلى أنه تعلم حفظ القرآن الكريم حينما كان يدرس في موريتانيا، ناصحاً كل من يرغب حفظ القرآن الكريم أن يخلص النية لله تعالى وتقوى الله عزَّ وجلَّ، تمشياً بما جاء في كتاب الله تعالى: {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ}.
ونصح المتسابق كل من يقوم حالياً بحفظ القرآن الكريم أن ينظم ما يتعلمه يومياً من القرآن إن كان نصف صفحة وتقسم، وأن يكون ذلك بعد صلاة الفجر، سائلاً الله تعالى أن يحقق طموحاته بأن يكون مربياً وداعياً إلى الله تعالى، وأن يكون مدرساً للقرآن الكريم في الحرم المكي الشريف بعد انتهائه من دراسة المرحلة الثانوية، وشكر المتسابق الله تعالى على ما أنعم عليه من نعمة الإسلام ومشاركته في هذه المسابقة المهمة، ثم شكر قادة المملكة العربية السعودية، معرباً عن تقديره وإعجابه بالجوائز المقدمة من المسابقة للفائزين فيها.
حفاوة وترحيب
يقول المتسابق إسماعيل بنوري من غينيا بيساو ويبلغ من العمر أربعة وعشرين عاماً ومستواه الدراسي الإعدادية ومرشح من الجمعية الإسلامية في بلاده ويتسابق في الفرع الثاني ويحفظ القرآن كاملاً، إنه درس القرآن في دولة السنغال عندما كان يدرس هناك، منوهاً بما لمسه من إعدادات وتجهيزات وحفاوة وترحيب من القائمين على المسابقة.. داعياً الله تعالى أن يجزل الجزاء الطيب لكل من عمل على تنظيم المسابقة وأمر بها بإقامتها في الحرم المكي الشريف.
أول مرة
أما المتسابق عرفان الحق بن عبد الرشيد من بنجلاديش البالغ التاسعة من العمر، ويدرس في المرحة الابتدائية في المستوى الرابع، يقول: إنه يحفظ القرآن الكريم كاملاً ولله الحمد، حيث تمكن من حفظ كتاب الله خلال سنة ونصف السنة وختمه في عام 2008م، وذلك في مدرسة دار العرفان ببنجلاديش، مشيراً إلى أنه تمكن من حفظ القرآن عن طريق تنظيم وقته للدراسة العلمية والحفظ.. نافياً أنه قابل صعوبات في تحصيله العلمي، حيث كان يحفظ بعد صلاة العصر.. أما التحصيل الدراسي في الصباح.
وعبَّر عن شديد فرحه وسعادته لتنظيم المسابقة في رحاب الحرم المكي الشريف لأول مرة، لافتاً النظر إلى أنه يشارك لأول مرة في هذه المسابقة، ويقول: إنه يرغب في المستقبل أن يكون بمشيئة الله تعالى إماماً وداعية ويكمل دراسته الجامعية والعليا في الجامعة الإِسلامية في المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية.
ونصح الطالب عرفان الحق - الذي تنافس في الفرع الثالث من المسابقة - كل من يرغب في حفظ القرآن الكريم بالجد والمثابرة، مبيناً أن أنسب طريقة لذلك في أن يجعلوا نصب أعينهم الأجر والثواب من الله تعالى، وأن الوقت المناسب للحفظ هو قبل صلاة الفجر، مشيداً في ذات الوقت بما لمسه من خدمات راقية واستعدادات كبيرة في تنظيمها والجهود الكبيرة التي بُذلت لذلك، داعياً الله العلي القدير أن يجزل لكل من أسهم في تنفيذ ذلك العمل الإسلامي العظيم الأجر الكثير وبخاصة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وحكومته.
وأشار المتسابق البنجلاديشي إلى أنه واجه صعوبة الطقس البارد حينما يخرج للمسجد قبل صلاة الفجر لحفظ القرآن الكريم.. لكنه تغلب على ذلك بالصبر والجلَد والإصرار واحتساب الأجر من الله تعالى، مبيناً أنه ولله الحمد يطبق كل ما تعلمه ودرسه في حياته اليومية، مؤملاً تخصيص مسابقات لحفظ القرآن الكريم لصغار السن، وإقامة الدورات العلمية في علوم القرآن الكريم، وكذا المتخصصة في علم التجويد.
شرف عظيم
وبالنسبة للمتسابق كوثر أحمد حافظ من بنجلاديش البالغ من العمر عشرين عاماً ويدرس في الصف الأول ثانوي، ويتسابق في الفرع الأول ويحفظ القرآن الكريم كاملاً فيقول: إنه أتمم حفظ القرآن الكريم قبل عشر سنوات، حيث استغرق حفظه سنتين فقط، وتمكن من حفظه في مدرسة تحفيظ القرآن الكريم والسنة على يد مجموعة من المشايخ الفضلاء، وأنه لم يجد أي تعارض مع دراسته العلمية، وأنه ينظم وقته بعمل جدول للتوفيق بينهما لتلافي التعارض إن وجد.
وقال: إن عقد المسابقة في أروقة الحرم المكي الشريف من نِعم الله تعالى التي لا تترى لعبده، وأن يكون من أحد المتسابقين هنا فهو شرف عظيم لكونها تُنظم في أطهر بقاع الأرض قاطبة.
لا تعارض مع الدراسة
وفي ذات الشأن، قال المتسابق عثمان سعد حماد من جمهورية جزر القمر المشارك في الفرع الأول إنه يحفظ القرآن الكريم كاملاً.. وإنه أكمل حفظ القرآن الكريم قبل حوالي ثلاث سنوات.. حيث كنت أحفظ القرآن بين المسجد والمدرسة وعلى يد أحد المشايخ ومقرئي القرآن، مؤكداً أنه لا يوجد أي تعارض بين تعلم كتاب الله والدراسة، فكنت أحفظ القرآن وأدرس في المعهد في ذات الوقت.
واعتبر المشاركة في المسابقة وفي أروقة المسجد الحرام لأول مرة منة عظيمة، ونعمة كبيرة من الله سبحانه وتعالى، متوجهاً بالشكر لكل من أسهم في تحقيق ذلك.. واصفاً الخدمات التي قُدمت لهم منذ وصولهم إلى أرض المملكة العربية السعودية وأثناء تنافسهم في كتاب الله بأنها خدمات متميزة من جميع الجوانب، وقال: لم أجد مثيلاً لذلك.
ودعا المتسابق عثمان سعد حماد إخوانه المتسابقين، وغيرهم من الشباب إلى التمسك بكتاب الله العظيم لأن فيه النجاة في الدنيا والآخرة.. حيث إنه كتاب {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}.. كما ذكر ذلك الله - عزَّ وجلَّ - متمنياً أن يكون داعية إلى الله، وناشراً لدينه.. وأن يجد متعلمي وحفَّاظ القرآن الكريم في جزر القمر الدعم من المسلمين عموماً، ومن المملكة خصوصاً.
وفي نهاية كلامه، سأل المتسابق عثمان سعد حماد الله سبحانه وتعالى أن يمن على خادم الحرمين الشريفين بالشفاء العاجل، وقال: أسال الله أن يلبس الملك عبدالله بن عبدالعزيز لباس الصحة والعافية.
التقاء القلوب
ويوضح المتسابق عبد الله صالح أحمد من اليمن والمشارك في الفرع الأول أنه أكمل حفظ القرآن الكريم خلال سنة في حلقات التحفيظ في المسجد، ويرى أن إقامة المسابقة في أروقة المسجد الحرام مناسبة عظيمة وطيبة بفضل من الله تعالى فكانت فرصة لالتقاء القلوب والأرواح مع اختلاف الأشكال والألسن على كتاب الله تعالى، وعلى مائدة القرآن الكريم بمشاهدة وحضور الآلاف من المصلين والمعتمرين المتواجدين في المسجد الحرام في كل لحظة حيث يستمعون إلى هؤلاء المتنافسين.. وهم يتلون كتاب الله مما زاد من هيبة الموقف.
وعن أمنياته وطموحاته قال المتسابق اليمني: أتمنى أن أتخصص في مجال القراءات، والتفسير، وأن يرزقني الله إمامة مسجد، كما أحث إخواني الشباب على إخلاص النية لله تعالى، وحفظ كتاب الله تعالى ففيه الشرف والرفعة في الدنيا والآخرة.
طمأنينة وروحانية
ويؤكد المتسابق شريفاو إقبال من طاجيكستان المشارك في الفرع الأول أن إقامة المسابقة في أروقة المسجد الحرام أضفى على المتسابقين طمأنينة وروحانية كبيرة.. كيف لا وهي تُقام في خير بقعة على وجه الأرض.
ووصف الخدمات التي قدمتها المملكة للمشاركين في المسابقة بأنها خدمات عظيمة وقيمة جداً.. وهذا يؤكد حرص قادة المملكة وولاة الأمر فيها على إجلال كتاب الله، والعناية به، وبحفظته وإكرام لخيار الأمة لأسمى منزلة من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، نسأل الله العظيم أن يسدد خطاهم ويتقبل منهم عظيم جهدهم.
وختم المتسابق الطاجيكي حديثه مؤكداً أن كل مسلم لا يعطي حق القرآن من عمره فإنه سوف يتذوق مرارة الحسرة والندم.. كيف لا وهو كلام رب العزة والجلال.. ومن حقه العناية والاهتمام به من قبل المسلمين عامة.. فهو حبل الله المتين وصراطه المستقيم، داعيا الله أن يعم نور الإسلام وجه الأرض عامة.
منحة دراسية
كما أعرب المتسابق عبد الرحمن مهدي سمائلا من النيجر المشارك في الفرع الأول والحفظ لكتاب الله كاملاً عن شكره لجميع القائمين على هذه المسابقة إزاء ما قدموه من خدمات لكافة المشاركين في المسابقة سواء أكانوا المتنافسين أو مرافقيهم، متمنياً أن يحظى بمنحة دراسية للدراسة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
خدمات كبيرة
ونصح المتسابق أبو بكر عبد الرزاق من توجو المشارك في الفرع الأول من المسابقة الراغبين في حفظ كتاب الله بأن يتقوا الله تعالى.. وأن يتحلوا بالصبر والمثابرة، وتعاهد القرآن باستمرار، مشيراً إلى أن أفضل أوقات الحفظ بعد صلاة الفجر.
وأشاد بالتنظيم الذي صاحبَ المسابقة، والتسهيلات والخدمات التي وجدها الجميع منذ وصولهم إلى المملكة، ووصفها بأنها خدمات كبيرة ونفيسة، جزى الله القائمين على المسابقة خير الجزاء.