الجزيرة - الرياض :
في إطار محاضرات ملتقى «خير أمة» - القسم النسائي - ألقت الدكتورة رقية المحارب محاضرة بعنوان «المسؤولية»، قائلة من خلالها: ما أحوجنا إلى المسؤولية التي حفظناها لفظاً ولم نلتزم بها معنى، فهي قيمة من قيم الإنسان، فطره الله عليها. يقول الله تعالى: {إنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}، فحمل الإنسان هذه القيمة العظيمة، وهي أول قيمة سيُسأل عنها.
وبيّنت المحارب أن المسؤولية في الاصطلاح يُراد بها الشعور بأداء الواجب والإخلاص بالعمل، وإضافة إلى الإقرار لا بد من تحمُّل تبعات هذا الإقرار. وأكدت المحارب أن أعظم مسؤولية وأهمها مسؤولية العبد أمام خالقه؛ حيث إن الله لما خلقه أخذ منه الميثاق محملاً إياه المسؤولية، مسؤولية التكليف؛ فقد جعل الله للإنسان شرائع يتعبد بها فإن أتى بها جاء بالمسؤولية التامة، وهذا معنى الآية: {إنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ..}. مبينة أنها تعم جميع وظائف الدين، وأن حمل هذه الأمانة يعني مسؤولية الإنسان عنها واستعداداه لتحمل تبعاتها وقبوله الثواب والعقاب المنوطين بها. وعدّدت الدكتورة رقية المحارب أنواع المسؤولية قائلة: المسؤولية الدينية هي التزام المرء بأوامر الله ونواهيه وقبوله في حال المخالفة لعقوبتها، ومصدرها الدين. والمسؤولية الاجتماعية هي التزام المرء بقوانين المجتمع ونظمه وتقاليده، وقيل هي المسؤولية الذاتية عن الجماعة، وتتكون من عناصر ثلاثة، هي: الاهتمام والفَهْم والمشاركة. والمسؤولية الأخلاقية هي تحمُّل المرء القدرة على تبعات أعماله وآثارها، ومصدرها الضمير، ويشترك في هذه المسؤولية أهل الملل والنحل قاطبة؛ إذ إن المسؤولية التي نقبلها ونرتضيها لأنفسنا هي مسؤولية أخلاقية.
وبينت الدكتورة رقية أن القرآن الكريم قرر أن شرط هذه المسؤولية الشمول، يقول الله تعالى {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، كما بيّن لنا الله عز وجل المساءلة عن الأعمال الخيّرة والشريرة في سورة الزلزلة {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.
وتذكر المحارب أن من المسؤولية النعيم الذي نعيش فيه، المال، الطعام، والزوجة الحسناء، يقول الله تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عن النَّعِيمِ}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لن تزول قدما عبد يوم القيّامة حتى يُسأل عن أربع خصال: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه».