كثيراً ما نسمع إعلاميين يسألون ضيوفهم إنْ كانت المشكلة مدار الحوار هي ظاهرة أم مجرّد حالات فردية؟ .. هنا قد يرتبك الضيف، فليس لديه أية معايير أو مرجعيات موثقة ليقرر إنْ كانت المشكلة موضوع الحديث ظاهرة أم حالات فردية. في التربية والتعليم مثلاً غالباً ما يطلب الإعلاميون من ضيوفهم التربويين تقرير ما إذا كان أيٌ مما يلي هو حالات فردية أم ظاهرة: اعتداء المعلمين على الطلاب أو العكس، إدمان المخدّرات بين الطلاب والمعلمين، الأمراض النفسية بين المعلمين، التطرُّف والغلو بين المعلمين أو الطلاب، الضّعف التعليمي بأنواعه بين الطلاب، العنف ضد الطلاب، حالات الفقر والعوز بين الطلاب. أصدقكم القول إني وبعد أكثر من ثلاثين عاماً من العمل في التعليم لا أملك أي تصوُّر عن مدى حجم المشكلات السابقة في مدارسنا، وهل هي مجرّد حالات فردية أم ظاهرة تستحق التشخيص والمعالجة. يبدو أنّ مدارسنا تحوّلت إلى صندوق أسود. فهي علاوة على أنها تعيش حالة عزلة وانفصال تام عن الواقع الحياتي لطلابها، فهي لا تقدم للمعنيين أي معلومات أو مؤشرات عن حقيقة ما يجري فيها. إنّ استمرار المدارس في عدم رصد وتقصِّي وبحث ما يجري فيها بأسلوب علمي ونشره للعموم، سوف يزيد مشكلاتها ومشكلاتنا التعليمة تفاقماً.