كتب - صالح رضا
عندما ننتقد أي عمل سلبي في أي ناد من أندية المملكة.. فهو يكون خلاصة لتقويم حقيقي من وجهة نظرنا.. قد نصيب وقد نخطئ.. فنحن نعطي العمل حقه من الإطراء.. ثم نجتهد ونحدد الداء.. بعيداً عن شخصنة الأمور.. ودون مصادرة حق الآخرين في توضيح موقفهم.. فما دام ذلك الطرف يعمل فلابد أن يصيب ويخطئ.. وأيضا مادام رضي بالدخول والبقاء في الوسط الرياضي.. فعليه تقبل النقد بصدر رحب.. خاصة إذا كان ذلك النقد هادفاً ويهمه المصلحة العليا للنادي المنتقد.
وذلك ما مارسته شخصياً بكل أمانة وتجرُّد مع أوضاع النادي الأهلي السلبية.. وخير دليل على صحة ما ذهبت إليه هو أن الإخفاق لا يزال مستمراً.. والأخطاء صارخة ومتكررة ودون أن تجد العلاج الناجع والجذري لها.. لذا كان النقد ضرورة ومطلباً.. فلا نريد للأهلي إلا أن تكون كل شئونه ضمن عمل مؤسساتي مبني على المصلحة العليا لتلك المنشأة الحضارية الراقية بغض النظر عن الأفراد.. فالأفراد يعملون ويتغيّرون.. ولكن تبقى الكيانات شامخة باقية.. وكل ذلك لاستعادة مكانة الأهلي بما يستحق أن يكون عليه.
ثم أنه ليس هناك في العالم بجميع أعراقه وشعوبه وطوائفه أكثر عرضة للانتقاد من العاملين في السياسة وكرة القدم تحديداً.. فهم الأكثر شهرة.. والأكثر جدلاً.. والأكثر إثارة.. لدى شعوب الأرض قاطبة.. ومن يعمل فيها فلابد ان يتقبّل النقد الصادق الأمين بصدر رحب.. أما المطبّلون والمادحون فهم آفة الشورى في كل مكان وزمان.. فالإنسان الحكيم لا يركن لرأي المهادنين والمادحين وهزازي الرؤوس.. بل الحكيم هو من شاور واستشار الرجال حتى ولو كان عالماً خبيراً.. فمن أعجب برأيه ضل.. ومن استغنى بالمادحين زل.. بينما من استشار الرجال لم يعدم عند الصواب مادحاً.. وعند الخطأ عاذراً.
نقدنا وانتقادنا للأهلي هذا النادي الكبير العتيد العريق.. من منطلق العمل الصحفي الأمين والصادق والمخلص للأهلي الكيان الذي قمنا به.. حتى ولو تسامى عن الأفراد.. والدليل على صحة ما ذهبت إليه خلال الموسمين الأخيرين أنه هو الأصح.. وهو الأصدق.. هو هذا الإخفاق المستمر موسماً بعد الآخر.. بل كل موسم يكون أشد بؤساً من الموسم الذي سبقه.. في ظل رحيل المدربين وهروبهم.. وترحيل اللاعبين، وها هم نجوم في أنديتهم المنتقلين إليها.
ثم هناك أمر في منتهى الخطورة على الكيان الأهلاوي.. فوكلاء لاعبي الأهلي عرفوا هذه السلبية الأهلاوية.. فأصبحوا يضغطون على موكليهم من اللاعبين.. باتخاذ نهج يجعل أصحاب القرار في الأهلي يتخذون قرار الإبعاد والإقصاء بحق اللاعبين عند أول هفوة.. ولذلك ينتقل اللاعب الأهلاوي إلى ناد آخر والمستفيد الأول هو وكيل الأعمال.. وما حالة اللاعب وليد عبدربه إلا واحدة من هذه القضايا البسيطة.. لذا واجب إدارة النادي احتواء مشاكل اللاعبين وتحجيمها.. ومن ثم حلها.. ولم ولن يكون إقصاء اللاعبين هو الحل.. بل هو نتاج ضعف وعجز بحل مشاكل اللاعبين واحتوائها.. بدلاً من تسرب نجوم الفريق.
هذا ولنتسامى عن الماضي ونتناساه.. خاصة والأهلي سيقابل بعد عدة أيام فريقاً قوياً لا يرحم.. ومنافساً شرشاً لا يكل ولا يمل من التهام من يقابلهم.. ويزداد الأمر سوءاً على المنافس إذا كان هو الأهلي.. فهو النادي المنافس الأول.. وهو العقبة الكأداء في طريقه.. وهو رفيق الديربي الجداوي الشهير.. وهو من لم يرحم ضعفهم أحقاباً وأزمنة.. لذا قد حان رد الكيل كيلين.. هذا ما يقوله الاتحاديون بالفم المليان.. ونحن نقدِّر رغبتهم بل نعرف ألمهم القهري من فريقنا.. في ذلك الزمن الذي كانوا إذا تعادلوا مع الأهلي جعلوه يوم أفراح وأتراح.
الآن ينبغي أن نقف أمامهم منتصبين ومتأهّبين لرد الضربات التي تترى علينا وتتوالى من كل صوب وجه منذ بدء الدوري.. يجب أن نكون نداً قوياً شامخاً وعنيفاً أمام منافسنا الأول والأشرس.. ولنقل لهم بالصوت المسموع.. قفوا عند حدكم.. فسنلحق بكم هزيمة مذلّة.. ونعيد انتصارات الماضي.. وسنجيّر ضعفنا وقلة حيلتنا إلى قوة جبارة لا تبقي ولا تذر.. فالعملاق الأخضر القوي سينهض بدءاً من مباراة الاتحاد.. وسيواصل انتصاراته بإذن الله.. وسيرى الجميع كيف يسطِّر أبناء القلعة ملحمة كروية غير مسبوقة.. وأول الضحايا هو الجار العميد.
الشيء الإيجابي الذي اتخذه المجلس التنفيذي هو تعيين الأستاذ طارق كيال مديراً عاماً لكرة القدم الأهلاوية وهي خطوة موفّقة ومسدّدة.. وهو وسمو الرئيس أصبحوا أملاً جماهيرياً.. لتلك الجماهير التي تعبت وسأمت وهي تتمسّك بالأمل عاماً بعد عام.. تغشاهم النشوة قبل كل دوري.. ثم يأتي الإحباط المخيف قادماً كشتاء سيبيريا يتسلل إلى نفوسهم المتعبة.. فعندما تنقضي النشوة وتتحوّل إلى سراب وألم وبؤس في أغوار نفوسهم المرهقة.. خاصة وهذه الجماهير تنظر إلى فرق فاقتها الآن بالإنجازات والبطولات.. رغم أن تعادله مع الأهلي كان سابقاً عيداً لها.
ويعلم أخي أبو راكان بحكم خبرته.. أن اللاعبين يحتاجون للجو الأسري في النادي الذي يدافعون عن ألوانه.. وتشدّهم القدوة من كبار المنتمين للنادي.. حيث يشدّهم تعدّد أعضاء الأسرة وقوّة قدوتها وبالتالي قوة ترابطها.. أكثر ما يربطهم المال والضجر والسأم والتشكيك ونظرية المؤامرة منذ خمسة فريق الرياض لمشهورة.
اللاعب أي لاعب يهيم وجداً متى ما أحسّ أن هناك له أكثر من أخ أكبر يلجأ إليه.. وقد يسامره مرة في الشهر في مطعم فاخر.. وآخر يأخذه في رحلة بحرية وقت إجازته.. وهكذا يشعر اللاعبون بالأسرة الكبيرة ترعاهم وتدعمهم.
نعم.. اللاعبون في الأهلي هم في أمسّ الحاجة لمن يتواصل معهم خارج نطاق الرسميين بالنادي من الأهلاويين على مختلف شرائحهم.. ويجب ألا يكون الأهلاويون حساسين لهذه الناحية المهمة التي يفتقدونها بكل وضوح.. وأنا مدرك أن نقدي هذا سيأخذ موقعه في نفس أبي راكان وهو من كان لاعباً مخلصاً ووفياً.
وعلى جماهير الأهلي.. البعد كل البعد عن شتم اللاعبين مهما كان الحال.. فلاعبو الأهلي من أفضل اللاعبين في الأندية قاطبة.. ولكن الوضع العام في النادي كان لا يساعدهم على إبراز كل طاقاتهم ثم تأتون انتم لتقضوا على ما تبقى من كرامتهم وروحهم المعنوية.
أنظروا للاعب الأهلاوي إذا انتقل خارج الأهلي.. وعلى سبيل المثال الحارس منصور النجعي.. نسّقه الأهلي في السابق رغم أنه كان نعم اللاعب ونعم الرجل.. وذهب إلى نادي الحزم ولمع نجمه واستعاد وهجه حتى انه اختير ضمن لاعبي المنتخب كخيار أول أو ثانٍ لحراسة عرين المنتخب.. ثم عاد للأهلي فخبا نجمه وانطفأ توهجه.. وها هو نجم سامق في السماء مع القادسية.. فالمشكلة ليس في اللاعبين إنما فيما يحيط باللاعبين بالنادي.. فأنتم يا جماهير الأهلي بشتمكم تزيدون الأمر سوءاً.. وتسهمون من حيث لا تعلمون في ترسيخ الروح الانهزامية.
حتى اللاعب الأجنبي في الأهلي.. في بدء تمثيله للفريق.. يلعب بروح وقتالية وتفانٍ وكأنه ابن من أبناء النادي.. وبعد فترة يتدهور مستواه ويقل حماسه مع هبوط شديد لروحه المعنوية.. بسبب العزلة والوحدة التي يعيش فيها.. وبعدها يؤدي المباريات كواجب وظيفي لا أقل ولا أكثر.
أيضا المدربون يهربون من الأهلي كهروب البعير من الفحل الأجذم.. فالمدرب إذا حل بالأهلي سعيداً مسروراً.. فسرعان ما يهرب ويطلب الفكاك والنجاة من هذا الأهلي.. وهو دليل على أن العمل داخل النادي ليس على ما يرام.. وهناك سبب قوي يجعل المدرب يفر فراراً وينشد النجاة.. وكما قال تعالى في سورة عبس عن ذلك اليوم شديد البؤس والمشهد المخيف {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ، وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ، وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ}.
يا جماهير الأهلي.. إنّ لاعبي الأهلي الذين تشتمونهم بأشد أنواع الشتم وأقذاها.. هم والله مغلوبون على أمرهم.. فهم يشعرون بالوحدة والعزلة والتشكيك في علاقتهم بالمجتمع الكبير.. ليس لهم صوت يُسمع.. فيصبحون موظفين يؤدون التمارين والمباريات وحسب.. فلا تستطيع أن تطلب منهم أكثر من ذلك.. إذا لم يكن حولهم مجموعة من المحبين العاشقين تراعيهم وتدافع عنهم.. وتعاضدهم.. وتقويهم حتى لا يصابوا بحالة (النوراستينيا) التي تصيب اللاعبين المحبطين.. كما أنه من المهم وجود شخص مسئول وكفء من كبار المدربين في علم البرمجة اللغوية العصبية يكون شبه متفرغ للعمل مع اللاعبين.. وهذه من أوليات عمل الأخ طارق كيال.
إن ذلك التقوقع الذي عاش ويعيش فيه الأهلي.. جعل الآخرون يستهينون في حقوق النادي بل ويهضمونها.. فالنادي يفتقد للاتحاد والوحدة بين كل الأهلاويين.. ففي نادي الاتحاد مثلاً.. ممكن للمحبين وأعضاء الشرف المرور على اللاعبين والشد من أزرهم خلال المعسكرات وغير المعسكرات.. وكما قال السيد طلعت لامي في برنامج (فوانيس) الرمضاني إنّ اللاعب أحمد جميل أخذ كأس الملك وذهب به لعضو شرف رئيس النادي لا يعرفه اللامي.. وقد رجع من عند ذلك العضو الشرفي (الخفي) ومعه ثلاثة ملايين ريال وتم توزيعها على اللاعبين.. هذا لا يمكن أن يكون في الأهلي وليس هناك لاعب يزور عضو شرف حتى لو أراد ذلك وجد نفسه في وضع لا يُحسد عليه.
افتحوا قلوبكم قبل النادي لجميع الأهلاويين.. وأحسنوا النوايا.. ورحّبوا بأي عضو شرف يأتي للأهلي.. بدل مقولة هذا له مصالح.. وذلك وحداوي أو اتحادي.. والآخر يريد الشهرة.. وكلها حجج وتحجج تكديساً لواقع التقوقع والنتيجة.. ما عندك أحد.. بكل أسف!
هذا والأنظار تنحو وتتجه نحو رجل الأهلي الكبير.. ذلك الرجل الحكيم.. الأمير خالد بن عبد الله بن عبد العزيز.. وهو الداعم لكل الإدارات يحدوها الأمل أن يساهم سموه في صنع أفق أوسع للنادي الأهلي.. ويسن منهجاً.. يدعو إلى الانفتاح والثقة في الجميع.. في نادي الجميع.. لجميع أعضاء الشرف والمهتمين والصحفيين والجماهير للالتفاف حول لاعبي الأهلي.. والكرة في كل حال في ملعب رئيس النادي الأهلي سمو الأمير فهد بن خالد أولاً ثم الأستاذ طارق كيال ثانياً.. فقد وضع الرمز.. ووضعت جماهير الأهلي ثقتها فيهما.. وهما لها.. والله الموفق وعليه الاعتماد جلّت قدرته.
نبضات!!
مغادرة الرجل النزيه والمخلص والوفي الأستاذ غرم العمري في غير وقتها على الإطلاق.. وقد يكون إحساساً منه بأن يكون هناك كبش فداء.. فأبت نفسه الأبية والمخلصة إلا أن يكون هو كبش الفداء، أخي أبا خالد.. بيّض الله وجهك فقد عملت وأنجزت ولم تبخل على النادي بشيء.. لكن الريح المعاكسة كانت أقوى من صمودك فرحلت.. لذا اعتبرها استراحة محارب ليس إلا.. و عودتك مطلب!!
خاتمة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحثوا في وجوه المداحين التراب) رواه البخاري ومسلم.