الجزيرة - دبي :
استبعد مختص أن تشهد حصة النفط والغاز في مزيج الطاقة تراجعاً كبيراً أو أن يصبح دورها هامشياً. مشيراً إلى أن وكالة الطاقة الدولية تتوقع نمو مستوى الطلب على النفط والغاز بشكل كبير خلال العقدين المقبلين بنسبة 0.9 و1.5 % سنوياً على التوالي، بفعل النمو الاقتصادي الذي لا يزال قوياً في معظم دول العالم النامية. وقال المدير التنفيذي لمجموعة نفط الهلال بدر جعفر: بلغت حصة النفط والغاز في مزيج الطاقة الأولية حول العالم 55 % عام 2007، وظلت الحصة السوقية للنفط والغاز ثابتة خلال السنوات الـ50 الأخيرة، رغم ارتفاع الطلب العالمي على الطاقة بنحو ثلاثة أضعاف.
وتابع: «لا أرى أي تغيير جذري قد يطرأ على معدلات الطلب في المستقبل القريب؛ إذ تتوقع وكالة الطاقة الدولية نمو مستوى الطلب على النفط والغاز بشكل كبير خلال العقدين المقبلين بنسبة 0.9 و1.5 % سنوياً على التوالي، بفعل النمو الاقتصادي الذي لا يزال قوياً في معظم دول العالم النامية». وأضاف: إن مصادر الطاقة البديلة غير قادرة على تحقيق التطور المطلوب من حيث الحجم والسرعة لتقويض الطلب على النفط والغاز على المدى المتوسط؛ وبالتالي فإن منطقة الخليج ستحافظ على دورها المصيري في مزيج الطاقة العالمي».
وشهدت الفترة الماضية توجهاً قوياً في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية والصين نحو التوسع بمشاريع الطاقة المتجددة، وبتركيز خاص على إقامة مشاريع توليد الكهرباء بطاقة الرياح والطاقة الشمسية، ورغم النمو السريع خلال السنوات الماضية إلا أن حصة هذه القطاعات من إجمالي إمدادات الطاقة في هذه الأقاليم الثلاثة لا تزال أقل من 2 %. وبدأت المشاريع التوسعية الطموحة لزيادة الاستطاعة تواجه مشاكل مادية جمة تتعلق بقدرة الشبكة وتوازن الأنظمة، وهي صعوبات لا يمكن تجاوزها أو إيجاد حلول لها بسهولة، إلى جانب التكاليف المادية الباهظة لسياسات التوسع بهذه المشاريع؛ إذ تحتاج مصادر الطاقة المتجددة إلى استثمارات تزيد على 2.400 مليار دولار لزيادة حصتها من الطلب العالمي على الطاقة الأولية من 0.6 عام 2007 إلى 5.0 % خلال عام 2030، وفقاً لتقديرات وكالة الطاقة الدولية؛ وبالتالي فإن الاعتبارات المالية تزيد من صعوبة إنجاز هذه المشاريع؛ حيث من المرجح أن تتأثر إمكانية تنفيذ المزيد من مشاريع التوسعة بقانون الإنتاجية المتناقصة؛ ما جعل خطط التوسع المعلنة، من قبيل هدف دول الاتحاد الأوروبي بالحصول على 20 % من طاقتها من مصادر متجددة بحلول عام 2020، أهدافاً صعبة المنال، وتبعاً لذلك يبدو من غير المرجح أن يؤدي الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة إلى إحداث تراجع كبير في الحصة السوقية للنفط والغاز في مختلف أسواق العالم، وحتى في الأسواق التي تشهد تحولاً كبيراً نحو مصادر الطاقة البديلة، أما في الأسواق الآسيوية وغيرها من الأسواق التي لم تشهد توجهاً نحو استخدام مصادر الطاقة المتجددة بشكل رئيسي في السياسات الحكومية المتعلقة بالطاقة فإن الحصة السوقية للنفط والغاز لم تتأثر، وإلى جانب نمو الطاقة المتجددة يشهد الاهتمام العالمي بالطاقة النووية حالة من الانتعاش في الآونة الأخيرة، بعد عقدين من الإهمال النسبي لهذه الطاقة؛ فقد أعلنت جميع الدول الشرق أوسطية تقريباً، ودول منطقة الخليج، خططها لتطوير مشاريع الطاقة النووية خلال السنوات الأربع الماضية، فيما تشهد أجزاء من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية والصين والهند خططاً لإقامة مشاريع كبرى للطاقة النووية. ورغم هذه الخطط يبدو من المرجح أن تبقى الطاقة النووية عاجزة عن تقليص حصة النفط والغاز من الطلب على الطاقة الأولية، وتستغرق عملية اعتماد تصاميم ومباني منشآت الطاقة النووية وتفحصها وقتاً أطول بكثير من الوقت اللازم لإقامة أي من مشاريع مصادر الطاقة الأخرى؛ نظراً إلى المخاوف الأمنية التي تثيرها الطاقة النووية؛ وبالتالي فإن إقامة منشأة واحدة للطاقة النووية تحتاج إلى ما يزيد على عقد من الزمن، كفترة إنجاز تبدأ بإعلان الحكومة عن نيتها إقامة المشروع وصولاً إلى الإنجاز الفعلي للمنشأة، حيث استغرقت مراحل بناء محطات توليد الطاقة النووية قيد الإنجاز حالياً في أوروبا نحو ثماني سنوات، قبل أن تشارف على الانتهاء حالياً.
وعلاوة على ذلك، فإن عدد الشركات التي تمتلك الخبرة اللازمة لصناعة وإقامة بعض المواد والمكونات المحددة التي تحتاج إليها منشآت توليد الطاقة النووية ضئيلٌ جداً، ولا يفي بالطلب؛ ما يضاعف من الصعوبات التي تواجه الدول الساعية لتطوير مصادر الطاقة النووية، من حيث التكاليف الباهظة وتأخر الإنجاز، وحالة الاختناق في سلسلة التوريد.
وقال بدر جعفر: «ستبقى معدلات الطلب على النفط والغاز مرتفعة، وستلعب منطقة الخليج دوراً حاسماً في قيادة إمداد النفط والغاز العالمي، وسوف تواصل لعب هذا الدور، ولاسيما أن الاكتشافات الجديدة في أماكن أخرى من العالم تواجه مشاكل جمة لا يمكن أن تعاني منها الحقول المكتشفة في منطقة الشرق الأوسط».