لأن الإسلام دين السلام والمحبة، الدين الجامع، والهادي لكل البشرية، فإن مناسباته الدينية وأعياده وما يمارسه ويفعله المسلمون في هذه المناسبات تجسيد وترجمة لما يختزن في قيم تعزز الإنسانية إيجابياً وتهديها إلى طريق يقودها للخير والإصلاح والبناء.
وشهر رمضان المبارك إحدى أهم المناسبات الإسلامية التي تبرز هذه القيم وتظهرها من خلال تأدية جميع المسلمين لهذه الفريضة، التي تجسّد المساواة بين الجميع، وفي الوقت نفسه يستشعر المسلم الصائم الحالة التي يعيشها الإنسان المحروم من إشباع رغبته في الطعام والشراب، إنه درس يتكرر كل عام، يطهر النفس المسلمة من شوائب الحياة الفانية؛ ليعرف الإنسان المسلم أن المحبة والتراحم والمسامحة لا تأتي من فراغ بل من مشاركة الآخرين آلامهم، والجوع والعطش حالتان إنسانيتان هما الأكثر تعبيراً وتأثيراً في الإنسان؛ لأنهما بكل بساطة هما اللتان تؤديان إلى استمرار الحياة.. حياة الإنسان.
ولذلك فإن الصوم هو الشعيرة التي تضمنتها كل الشرائع السماوية، إلا أن الشريعة الإسلامية قرنتها بالإيمان وأن يصاحبها تأدية الشعائر الدينية وزيادة الجرعة الإيمانية؛ فتعمر المساجد، ويُكثر المؤمنون من تأدية الصلوات وقراءة القرآن الكريم وتقديم الصدقات والتعرف على المحتاجين ومساعدتهم.
إذن فشهر رمضان المبارك ليس حرمان الإنسان من الأكل والشرب بل هو مناسبة لتأكيد المساواة بين البشر، وأن الجميع متساوون، وعليهم أن يتكاتفوا ويتعايشوا بمحبة وتراحم وتسامح حتى تمضي البشرية في طريق التقدم، ولكي تسهم الأمة الإسلامية في تأدية رسالتها في صنع الحضارة الإنسانية.
****