فيما كان على المنصة ثلاثة أطباء عالميين يتحدثون عن إنجازهم التاريخي الفذ في التوصل إلى تركيب قلب صناعي بين حنايا الضلوع، كان الذهن شارداً يتجول بين أشجار البرقوق في اليابان وهو يردد قصيدة من شعر (الهايكو) القصير الذي يشبه الهجيني في البوادي العربية، تقول كلمات القصيدة - اليابانية:
|
|
|
|
|
|
|
لعله يتبرعم بالحب من جديد)
|
أقول: كنت شارداً في حدائق اليابان المورقة، وأنا أحدّق في وجه البروفيسور (ساوا) ووجوه مساعديه المختصين بجراحه القلب وزرع الخلايا الجذعية لعلاج ضعف عضلة القلب، بل (تبديل الصمامات القلبية) وبدون جراحة (!!)
|
يا للهول، يا للسعادة ويا للإنجاز العظيم، ثم أشرد ثانية إلى الصحراء العربية، وأنا أتأمل وجه جراح القلب السعودي الشاب صفوق الشمري الذي يشارك البروفيسور (ساوا) نفس المهمة ونفس الاختصاص كونهما من جامعة أوساكا اليابانية التي وقّع معها المركز التخصصي الطبي (السعودي) اتفاقية للتعاون الطبي في هذا الحقل المهم والنادر، أقول، وأنا أقرأ وجه الدكتور صفوق: لست أدري كيف شرد الذهن ثانية مستعيداً قصيدة (هايكو) بدوية يقول شاعرها:
|
(ما تشري القلب يا (بردي) |
وافهق عليك الثمن ديني |
القلب الاول غدى جردي |
وأبى لي قلبٍ يمضيني) |
أقول: سرحت بعيداً، بل أصبحت أشيح متعمداً لئلا تلتقي عيني بعين الدكتور الصديق خالد السبيعي ومن ثم يقرأ جيداً ما أفكر فيه، وهو يجلس بين الدكتورين الفذّين (ساوا) و(الشمري)، وبالفعل، ما إن كادت الندوة تنتهي بعد عرض نجاحات جامعة أوساكا بتركيب القلب الصناعي حتى تساءلت بيني وبين نفسي: ماذا لو عاش الشاعر البدوي الذي كان يريد استبدال قلبه (الجرد - البالي) بقلب جديد؟!
|
وكذلك: كيف يكون حال نظيره الشاعر الياباني الذي كان ينوي أن يلقي قلبه للكلاب إن لم تكن محبوبته فيه؟!ومن هنا، وانطلاقاً من هذا التساؤل الغريب، قلت للمحاضرين ساخراً: هل قلبكم الصناعي هذا يحمل نفس مشاعر الرجل الذي يستبدل قلبه التالف بقلب جديد؟! وهل بمقدور أي رجل تناهشت قلبه الهموم (مثلي) أن يخلع قلبه الأصلي ويثبت مكانه قلباً صناعياً يعمل على الشحن الكهربائي، ثم ماذا لو انقطع التيار الكهربائي (كعادته - صيفاً) في الحي الذي يقطنه ذو القلب الجديد (؟!) فضجّ الجميع بالضحك!
|
|