Al Jazirah NewsPaper Thursday  12/08/2010 G Issue 13832
الخميس 02 رمضان 1431   العدد  13832
 
أعراف
قلبُ الريحِ ليس معَك!! (2)
محمد جبر الحربي

 

«الشعرُ آخرُ ما يموتُ../ وأولُ الأحلامِ أغنيةٌ جديدةْ/ لا عمرَ إلا في الجلالِ/

متى نهضتُ إليكَ في دميَ الفناءُ يموجُ/ فاحفظني قصيدة». موسى عقيل

رغم أن قلب الريح ليس معه، إلا أنّ الشاعر موسى عقيل يخوض في بحار الوجع والآلام والحزن والدموع حتى كأن لا ميناء له، ولا رصيف. يقوده شراع الشعر بحثاً عن الوطن القصيدة، وعن القصيدة الوطن في كل اتجاه.

ويتضح لنا عبر المجموعة أنه يريد أن يخلع جلده، وأن يودع حزنه لكنه لا يستطيع التخلص من أسئلته كما سأل أبو العلاء، وتساءل البردوني من قبله.

تبدأ الرحلة الموجعة في المجموعة مع «الدموع بلا جسد».. ومع أبيه الذي قد عاش حرّاً:

«لمْ أشاهدْ دمعَه يوماً/ ولكنْ لم أشاهدْ غيرَه يبكي بكاءً دون حدْ../ جسدُ البكاءِ أبي،/ ولكنّ الدموعَ بلا جسدْ/ يا للعذابات التي تمتدّ في شرخِ السنين/ ولا يشاهدُها أحدْ.».

ولكنها تبدأ حقيقة مع الطفولة المتعبة، والطفولة المستعادة:

«لا شيء يبلُغُهُ مدى استغرابِهِ/ سفرُ الجراحِ على الجراحِ الموحلَةْ/ الآن تغسلهُ الدموعُ/ وليتها غسلتْ مناهُ/ وروحَهُ المتأملَةْ.».

وهو يرى أنه ليس الوحيد في هذه الرحلة التي يراقبه ويرافقه فيها الموت والموتى:

«يا ظلّ أسئلتي الشريدةِ: ها هنا الموتى قوافلُ/ إنني لست الوحيدْ.».

و» للفقرِ تبتسمُ الحقولُ/ جُنوبُها موتٌ/ عليهِ من الحياةِ مسوحُ.».

ولعل في القصيدة البديعة «أحاديثُ في ضمير الطريق» التي منها المقطعُ السابق اختصارٌ لطريقنا نحو عوالم موسى عقيل وهمومه، التي هي همومٌ وإن بدت لأول وهلة ذاتية، إلا أنها وطنية عربية، كما يكشف عن ذلك في «حصار»:

«الحلُمُ أنفاسُ الطفولةِ/ لا تزالُ يدٌ من الأحلامِ تبحثُ/ كالعروبةِ عن عربْ.»

ونعود لضميرالطريق والرحلة لنجد:

«ورأيتُ وجهَ القولِ مسودّاً/ قد احتلّ الفضاءَ مقيّدٌ وكسيحُ/

هل تسفِرُ الأقلامُ حيناً؟/ كاتبٌ وكتابةٌ؟ أم شاهدٌ وشهيدُ.».

هي رحلةُ عقيل الصعبة في الحياة والواقع بحثاً كغيره من الشعراء عن المدينة الفاضلة.. الرحلة التي نقطف نحن من ثمارها هذا الشعر المصفى، ويتحقق عبرها حلمه الآخر بأن تكون قصيدته خالدةً فريدة، وأن يُحفظ قصيدةً حية نابضة ليست كسائر القصائد، فآخر ما يموت الشعر!!



mjharbi@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد