Al Jazirah NewsPaper Thursday  12/08/2010 G Issue 13832
الخميس 02 رمضان 1431   العدد  13832
 
مؤلف (طقوس الروائيين) لـ(الجزيرة الثقافية):
الداوود: لم أغفل الروائيين المحليين ولم أسلم من شتيمة روائي كبير

 

الثقافية - علي سعد القحطاني :

طقوس الروائيين عالم مليء بالإثارة والغرائب وكل روائي له أسلوبه الخاص في كتابة روايته وهناك كتب ضخمة ألفت في طقوس الروائيين العالميين وأين وكيف يكتبون إبداعاتهم بينما نجد على النقيض شح وندرة في جانب ما يمس الحياة الخاصة للمبدعين العرب وقد حاول الأستاذ عبدالله بن ناصر الداوود في كتابه (طقوس الروائيين)أن يجمع كل ما يتصل بهذا الموضوع من خلال التواصل مع الروائيين أنفسهم بالاجتماع معهم أو الاتصال بهم والتقت (الثقافية) بالأستاذ الداوود للحديث عن بداية الفكرة والصعوبات التي واجهته في جمع المادة وتحدث عن اعتماده بشكل رئيسي في رصد تلك التجارب مع نجيب محفوظ والطيب صالح وآخرين وعن اقتصاره في الساحة المحلية على تجربة يوسف المحيميد قال أن الطبعة الثانية من الكتاب ستكون حافلة بتجارب كثيرة.

البداية

متى بدأت الفكرة وما الصعوبات التي واجهتك في جمع المادة؟

- فكرة الكتاب لمعت ذات يوم عندما كنت أقرأ كتابا كان يتحدث عن حياة روائي راحل، وفي إحدى صفحاته كان المؤلف يتحدث عن طريقة كتابة الروائي لرواية ما، أعجبني ما كان الروائي يحرص عليه أثناء الكتابة، وعن الأجواء التي خلقها لنفسه لحظة تدفق الإبداع على أوراقه، كان الحديث ماتعا، وكانت طقوس الكاتب جذابة.

توجهت بعدها إلى مكتبتي، وعبثت فيها بحثا عن مواضيع مشابهة، فعثرت على مواد شحيحة متناثرة، وجدتني مشدودا إلى هذا الموضوع، عملت بحثا سريعا في الانترنت، وجدت القليل من طقوس الكتاب والروائيين والشعراء وفي مواضيع متباعدة، وعبر مواقع المكتبات الكبيرة لم أجد كتابا متخصصا في هذه الطقوس، لذا كانت الفكرة تعرض نفسها أمامي في صورة جميلة.

عزمت على الكتابة. وبدأت أضع الخطوط العريضة لعملي، حددت بعض الأسماء، ولم أنس الروائيين الذين أعشق حروفهم، جلت في مخيلتي بين بلدان العالم العربي، وكل دولة أقف عندها وأكتب أسماء روائيها اللامعين.. وحلقت مخيلتي فوق دول العالم تلتقط أسماء روائيها الذين ذاع صيتهم، حتى أنخت رحالي وبدأت اتصالاتي.

وكل عمل لابد له من صعوبات، وكل جهد لابد له من معوقات، فهذا روائي يعدك ولا يفي، وذاك روائي يطلب منك الحضور إلى بلده كي يقدم لك طقوسه على طبق الضيافة، وثالث يستقبل الاتصال الأول ثم يختفي صوته فيما بعد.

عقبات كثيرة، وإحباطات عديدة، لكنها لم تكن لتعيقني عن السير قُدما نحو هدفي الذي اخترته، حيث كنت أسعد بكل طقوس تصلني، وأفرح بكل كلمة ثناء يطلقها روائي على العمل وصاحبه، تلك المشجعات كانت تدفعني إلى الأمام.

تواصل

اعتمدت في مصادرك على المشافهة والتواصل مع الروائيين في رصد تجاربهم ما هي اغرب تجربة وقفت عندها؟

-الحديث مع الروائيين حديث ماتع، فذلك الروائي الذي كنت تستلذ بعباراته وتتذوق جمله وكلماته، هاهو يتحدث معك مباشرة، يتحدث معك كيف كتب تلك الرواية، وكيف خلق له أجواء الكتابة.

لكن ليس كل حديث مع روائي ينتهي بسلام، فقد تسير السفينة في مياه ضحلة، فتهتز ويختل مسارها، فمازلت ذاكرتي تمدني بصور قاتمة لروائي طاعن في السن، عندما اتصلت به وأخبرته باسمي وبلدي، فرحب بي مادحا الرياض وأهلها، وأمطرني بذكرياته مع عدد من شخصياتها، وطلب إرسال الأسئلة عبر فاكس.

كنت حريصا على الحصول على طقوسه منه مباشرة، فكبر سنه ربما يجعله غير قادر على الكتابة بسهولة، هكذا تخيلته وذاكرتي تعود بي إلى حوار مع الراحل نجيب محفوظ وهي يجيب عن سؤال عن أصعب مواقف حياته، كانت صعوبة الإمساك بالقلم بعد الطعنة التي أصابت ظهره هي أصعب موقف، لذا فعندما يستعصي القلم على اليد يصبح الألم لا يطاق.

عاودت الاتصال بذلك الروائي الطاعن في السن، وكنت متشوقا أن ينضم إلى قافلة الروائيين الذين قدموا طقوسهم على طبق من حب، لكن الرجل وبعد أن سمع صوتي وعرفني أمطرني بوابل من السباب والشتائم، واصفا أسئلتي بأنها كثيرة ومتعبة! حينها أدركت أن القلم أصبح يبتعد عن أنامله، وما كلامه العاصف لي إلا دليل على ذلك.

كما لا أنسى الراحل» الطيب صالح» الذي كنت أتصل به في مقره في» لندن» وكان رحمه الله يطلب مني الانتظار ريثما يشعر بتحسن في حالته الصحية، وكنت أنتظر وقتا ثم أعاود الاتصال، إلا إني وذات مرة وعندما قررت الاتصال به كان الموت يسبقني إليه، فأخذت أترحم عليه وأنا أتذكر وعوده لي بأنه سيكتب لي عن طقوسه، وتلك الكلمات الرقيقة التي يطلقها على مسامعي وهو يطلب المهلة الواحدة تلو الأخرى.

المبدعون

لماذا اقتصرت في الساحة المحلية على تجربة يوسف المحيميد فقط مع أن الساحة مليئة بالمبدعين؟

- لم أغفل الروائيين المحليين، بل كانوا أول من فكرت بهم، وأول من اتصلت بهم، لكن الكثير منهم لم أجد تجاوبا منهم، ولعلي كنت أتصل في وقت غير مناسب لهم، فقد يكونوا مشغولين بأعمال، وقد تكون الفكرة لم ترقهم، علما أن الطبعة الثانية من هذا الكتاب ستضم طقوس الكثيرين منهم.

أكاديميون

ألم تستعن بأكاديميين ونقاد وأخصائيين اجتماعيين ونفسيين في قراءة تلك التجارب؟

لم تكن في خطة الكتاب التي وضعتها أن أحلل طقوس كل كاتب، تاركا ذلك للقارئ أن يحللها كيف يشاء، وأن يتفاعل معها بطريقته، لا أن يترك ذلك لعقل يملي عليه ما يريد، بل كنت أن أريد أن يكون للقارئ دوره في الإبحار في طقوس الكاتب الذي يحب، أن يعيش معه أجواء لحظة الإبداع، وأن يسافر معه في رحلة القلم والورقة،كنت أريد أن تكون الطقوس وجبة يلتهمها الجميع، لا أن تكون وجبة مليئة بكثير من المكونات الثقيلة التي قد تثقل معدة القارئ، هكذا أردتها وهكذا كانت.

منتديات

كلمة أخيرة؟

حقيقة أود أن أشكر كل من قدَّم لي وردة الإعجاب، وكل من رسم على شفتيه ابتسامة الرضا، فقد غمرتني عبارات الثناء والإشادة من خلال مدونتي» القلم» وأيضا المنتديات الأدبية التي قامت بعرض الكتاب والحديث عنه،أيضا أقدم باقات حب وشكر لكل روائي تفاعل مع هذا الكتاب، وأرسل طقوسه، واقتطع جزءا من وقته كي يجيب عن أسئلتي. كما لا يفوتني أن أشكر دار الفكر العربي تلك الدار المحلية التي طبعت الكتاب وأخرجته بطريقة احترافية مثلى.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد