الكثافة العددية للعمالة الوافدة جعلت التنافس على الأعمال والمهن على أشده بينهم، غير أن الزيادة الكبيرة في استقدام شرائح من العمالة دون الحاجة لهم في سوق العمل جعلهم أمام دافع مغاير لما كان يتم تصويره لهم من قبل سماسرة أفاقين بأن مجرد الدخول للمملكة أو دول الخليج يعني الثراء وجني الأموال بلا عناء، فبعضهم أمام الصورة المختلفة لأحلامه قبل القدوم وخططه للمستقبل بعد الوصول دفعته للإصرار لتحقيق ثروة بأي طريقة، فباعوهم الأوهام بأن النظام هنا عندنا سلس والناس طيبون يمكن خداعهم بسهولة وأن البوليس لا يدقق في كثير من الأمور لتوفر حسن النية وطغيان مبدأ التسامح والرحمة.. هم بذلك قد قرؤا الرسائل بالعكس فنحن ولله الحمد بلد لديه قيادة حكيمة رشيدة لا تقبل الظلم لمواطن أو مقيم والشواهد كثيرة فالقيادات والأجهزة الأمنية قد أثبتت في مواقف متعددة أنها حاسمة وقوية وأن خطوطاً حمراء لا يمكن تجاوزها في مصلحة الوطن والمواطن وحتى المقيم، فهو إنسان وضيف كريم له حقوقه وعليه واجباته، وإن أبدت قيادتنا شيئا من الحكمة والرأفة واللطف فهذا لا يعني عدم المقدرة أو الضعف في اتخاذ القرارات الصارمة الحاسمة في وجه من يعبث في بلادنا من ضيوفنا الوافدين للعمل..
فمن هذا العبث صور مؤلمة تنم عن عقليات متأخرة لم تحترم البلد الذي استضافها واحتضنها وفتح لها باب فرص العمل وطلب الرزق، من ذلك أن وافدين يقيمون نقاطاً بوليسية للتفتيش في لهو عابث وابتزاز واضح ونهب وسرقة تحت تهديد السلاح أحيانا، ومن الصور القاتمة ما نشر خلال الأيام الماضية عن قضية طبيبين وافدين في مدينتين مختلفتين يتحرشان بمواطنتين داخل غرف المستشفيات، طبيب متعلم على قدر من الوعي والفهم والنضج وتبدر منه أفعال مشينة فماذا ترك للعامل الوافد البسيط، من نلوم ومن نترك ؟!.
الصور المؤلمة المشينة التي يتعرض لها المواطن خارج المملكة والصور المزرية التي يقدمها بعض الوافدين داخل بلادنا لها دلائل واضحة وجلية أبرزها أنهم قد أساؤوا فهم الهامش من التسامح والحرية واللطف خاصة مع الوافدين كضيوف في بلد يمتثل لتعاليم الإسلام دين الرحمة والمساواة، وأنهم أساؤوا الفهم مرة أخرى في قراءة مدى تسامح القيادات العليا في هذا المجال، ولم يدركوا أن للحليم غضبة يجب اتقاؤها، فصاحب السمو الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية - حفظه الله - وسمو نائبه وسمو مساعده للشؤون الأمنية لهم مواقف جليلة أبدوا من خلالها كثيراً من الحلم والتؤدة والتريث في معالجة بعض التجاوزات والمخالفات، لكنهم حينما يصل الأمر للمساس بالمصالح العليا للوطن والمواطن والمقيم وتتعدى التجاوزات ما يمكن السكوت عنه إلى حين؛ فإن غضبة رجل الأمن الأول سمو وزير الداخلية لا يقف أمامها عبث عابث أو استهتار مستهتر والأمثلة كانت كثيرة ومحل تقدير المواطن والمقيم ومحل تثمين المراقبين على المستوى الدولي.
وإني وغيري ممن كتبوا سابقا عن مثل هذه التجاوزات لا زلنا ندعو (العابثين) من ضيوفنا الوافدين للتعامل العقلاني المنطقي الذي يراعي حرمة البلاد وساكنيها وإلا فليأذنوا بنتائج غضبة قادة الأمن ورجال الوطن البارين المخلصين، وليتقوا غضبة (نايف) الحليم.