أنظمة القبول في الجامعات لا تزال تضيق الخناق على المبدعين والمتفوقين من الطلاب والطالبات والذين يتخرجون بنسب عالية يفترض أنها تؤهلهم لاختيار التخصص المناسب لهم لكن الذي يحدث هو عكس ذلك، فكثير من الطلاب والطالبات يتم قبولهم في غير ما يريدون من تخصص حتى وإن كانوا متفوقين!! إحدى الطالبات التي تخرجت من الثانوية العامة (قسم علمي) بتقدير امتياز وحصلت على الدرجة الكاملة 100 % لم يشفع لها ذلك المستوى بأن تلتحق بالكلية التي تريد وهي كلية الطب، وتم توجيهها إلى قسم لا ترغب الدراسة فيه وعندما أبلغت المسؤولين في القبول برغبتها في في التسجيل في الطب تم تجاهل طلبها! أليست جامعاتنا بهذه الطريقة تحبط الطلاب وتساهم في عرقلة عجلة التنمية وتساهم في إعداد جيل يتعلم ما لا يريد أن يتعلم، ولذلك تكثر هذه الأيام محاولات التوسل للتحويل من قسم لآخر وإذا لم تشفع هذه التوسلات، فإن المتفوقين سيرضخون للأمر الواقع ليخسروا فصلا دراسيا أو أكثر قبل أن تسمح لهم الجامعة بالتحويل للقسم الذي يريدون! ومن حقنا أن نتساءل إذا لم تقبل الجامعة طالبة حاصلة على الدرجة الكاملة للالتحاق في كلية الطب فمن ستقبل! وكيف يمكن لها أن تسهم في تأمين احتياج الوطن من الأطباء والطبيبات! خاصة أننا بحاجة ماسة لهذا التخصص، فهناك دراسات خلصت إلى أن المملكة سوف تبقى ولسنوات طويلة تعاني من شح في الأطباء وبخاصة التخصصات النسائية فالعجز يصل إلى حوالي 80% في تخصصات النساء والولادة، ونسبة الأطباء السعوديين في وزارة الصحة (21%) من مجموع الأطباء، ومع ذلك فإن سد الفراغ وإحلال الطبيب السعودي كمطلب وطني لا يتم ترجمته على أرض الواقع من قبل الجامعات، ووزارة الصحة لا تدعم هذا التوجه فهي حتى الآن تستقدم الأطباء غير الأكفاء بسبب تدني تكلفتهم من دول لا تتميز بتفوقها في مجال الطب، رغم أن التعاقد يتم عن طريق لجان متخصصة! وفي كل عام تكتشف عشرات الشهادات المزورة التي يأتي أصحابها ليتعلموا ويتدربوا على المواطنين وعلى أفضل الأجهزة المتوفرة في المستشفيات ويقبضون بالآلاف ثم يغادرون بعد أن يكونوا قد أكملوا دورتهم التدريبية! والتي منحتهم إياها وزارة الصحة والمستشفيات الخاصة! وليس هناك أي مناقشة لهذا الوضع الذي فرض علينا أن نظل نتعاقد لنغطي العجز في الأطباء بينما كليات الطب لا ترحب بالطلاب والطالبات المتفوقات، ويتم توجيههم لتخصصات لا يرغبونها لتتكدس البيوت بخريجين لا يجدون الوظائف المناسبة، بسبب أنظمة تتعارض مع خططنا التنموية وتغلق الأبواب أمام المتفوقين والذي يفترض أنهم يوماً ما سيحلون مكان الأجنبي في خدمة وطنهم فهل تمنحهم الجامعات الفرصة أم ستظل المعاناة تتكرر في كل عام، الأبناء يصدمون بتخصص لا يرغبونه والآباء يشقون في البحث عن وسيلة لتحقيق هذا الأمل!
alhoshanei@hotmail.com