قال صاحب كتاب مشاهير علماء نجد صاحب الفضيلة الشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ: هو الشيخ الفاضل محمد عبدالله المحمد التويجري، وآل التويجري أسرة عريقة في العلم والفضل.
وُلد - رحمه الله - في بلدة القصيعة, سنة مائتين وثمانٍ وتسعين وألف من الهجرة، ونشأ بهذه البلدة في أحضان والده، وكان أبوه عبدالله فلاحاً في ملك لهم في القصيعة، وتربى الشيخ محمد على يد أبيه أحسن تربية، ورعاه أفضل رعاية حتى بلغ سن الرشد.
كان أبو الشيخ محمد رجلاً صالحاً، فأدخله عند المقرئ الشيخ رشيد بن صالح الرشيد؛ فقرأ القرآن وجوّده، ثم حفظه عن ظهر قلب، وهو في السادسة عشرة من عمره، ثم تحول إلى مدينة بريدة، فلازم الشيخ العلامة عبدالله بن محمد بن سليم والشيخ العلاّمة عمر بن محمد بن سليم، ولازم الشيخ عمر ملازمة تامة، فقرأ عليه في العقيدة، والحديث، والتفسير، والنحو، يقول صاحب كتاب روضة الناظرين عن مآثر علماء نجد وحوادث السنين، الشيخ محمد بن عثمان القاضي: كان ذكياً يقظاً، من أوعية الحفظ، أكب على كتب الحنابلة، وكان يحب البحث والنقاش، في مسائل العلم؛ فكانت مجالسه مجالس علم ومتعة للجليس، وكان عمدة في التوثقات في قريته. ويقول صاحب كتاب علماء آل سليم وتلامذتهم وعلماء القصيم، الشيخ صالح بن سليمان العمري: «أكب على المطالعة والمذاكرة، في أوقات فراغه، فكان بعد انتهاء الدرس يصحب الشيخ عبدالعزيز بن إبراهيم العبادي ويبقيان في حجرة مسجد الشيخ عمر الساعات المتتابعة، ليلاً ونهاراً، في بحث ومذاكرة، وقد استفاد من ذلك فائدة كبيرة، واستمر على هذا حتى أدرك وعُدّ من العلماء».
وبعد أن درّس في بلدته القصيعة بضع سنوات رشحه شيخه العلاّمة عمر بن سليم ليكون قاضياً، فصدر الأمر السامي بتعيينه قاضياً في بلدة أبي عريش، يقول الشيخ صالح العمري: «ولما استدعاه شيخه الشيخ عمر - رحمه الله - لإخباره بتعيينه بمحكمة جيزان كنت عند الشيخ عمر - رحمه الله - فأراد الشيخ محمد أن يعفيه شيخه من ذلك، ولكن الشيخ عمر - رحمه الله - أصر على تكليفه، فما كان منه إلا طاعته حيث كان يعتبره بمنزلة والد».
فباشر - رحمه الله وأكرم مثواه - عمله في بلدة أبي عريش بحزم، وسدد في أقضيته، ثم بعد ذلك عُيّن قاضياً لجيزان خلفاً للشيخ عبدالرحمن بن عقيل - رحمه الله -، وخلفه أيضاً على إمامة جامع جيزان والخطابة فيه، وأحبه أهالي جيزان، وكان في قضاياه مثالاً للعدالة والنزاهة.
بعد أن لازم الشيخ محمد - رحمه الله - شيخه العلامة عمر بن سليم ملازمة تامة وتخرج عليه، وأذن له في الفتيا، وألزمه بإمامة أهل بلدة القصيعة جمعة وجماعة، والجلوس فيها لتدريس العلم فامتثل لذلك وقام بواجب الإمامة والتدريس, أتم قيام؛ فتخرج عليه جملة من طلبة العلم، الذين شغلوا مناصب القضاء والتدريس والإمامة، وقد بقي في بلدته القصيعة للإمامة وتدريس العلم قرابة خمسة وعشرين عاماً، فممن أخذ عنه:
1- ابنه الشيخ صالح بن محمد التويجري - رحمه الله - نائب رئيس هيئة التمييز بالمنطقة الغربية.
2- الشيخ عبدالله السليمان البطي - رحمه الله - القاضي بمحكمة بريدة الكبرى.
3- علي الشبرمي الذي صحبه إلى جيزان.
4- ابنه الشيخ عبدالكريم بن محمد التويجري - رحمه الله - وهو الذي خلفه على إمامة المسجد والخطابة فيه.
5- علي السليمان البطي.
وفاته
ووافاه أجله المحتوم مأسوفاً على فقده، في جيزان في شهر صفر عام 1360 هـ، يقول صاحب كتاب تذكرة أولي النهى والعرفان بأيام الله الواحد الديان وذكر حوادث الزمان فضيلة الشيخ إبراهيم بن عبيد،
تحت عنوان «مرض الشيخ محمد بن عبدالله التويجري» قال: في صفحة (121) من الجزء الرابع:
«وحج بالناس في هذه السنة جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، وممن حج فيها من الأعيان الشيخ: عمر بن محمد بن سليم، والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وقاضي جيزان محمد بن عبدالله التويجري، وكان قد تأثر هذا بمرض أصابه، ويظهر لي أنه شبيه بالسل؛ لأنه مات على أثره - رحمه الله -.
ويقول صاحب كتاب علماء آل سليم وتلامذتهم وعلماء القصيم: «وكان الشيخ محمد - رحمه الله - على جانب عظيم من الاستقامة والتعفف، والورع والأخلاق الفاضلة؛ فرحمه الله رحمة الأبرار، وكان مدة بقائه في القضاء، موضع ثقة الملك عبدالعزيز -رحمه الله-».. متوجداً على انقطاع دروس شيخيه عبدالله وعمر آل سليم، وقيلت هذه القصيدة سنة 1344هـ.