Al Jazirah NewsPaper Sunday  11/07/2010 G Issue 13800
الأحد 29 رجب 1431   العدد  13800
 
الطيار: العولمة علاقة يشوبها الكثير من الشك والريبة
إيتاغاكي: التقاليد والتعايش وحوار الأديان مثالاً

 

طوكيو - فهد الشويعر :

عقد ظهر أمس السبت في أرض المعارض بالعاصمة اليابانية طوكيو ندوة تحت عنوان (الثقافة المحلية والعولمة تعايش أم صراع) حيث رأس الجلسة الدكتور محمد الحيزان المستشار والمشرف العام على إدارة الإعلام والعلاقات العامة بوزارة التعليم العالي ويشارك في الجلسة الدكتور يوزو إيتاغاكي الأستاذ الفخري في جامعة طوكيو والدكتور عبدالله الطيار من الملحق الثقافي السعودي في الإمارات، وتحدث الطيار في ورقته عن العلاقة بين الثقافات المحلية والعولمة وعلاقة يشوبها الكثير من الشك والريبة، فالمتطرفون الغربيون أصحاب الثقافات المعولمة يؤمنون بصراع الحضارات، وبناءً عليه ستكون العلاقة بين الثقافات المحلية والعولمة علاقة صراع واختراق ونمط جديد من الاستعمار يتطلب المقاومة، لكن النظر بإيجابية للعولمة يعتبرها فرصة سانحة للتثاقف بين شعوب الأرض والتقارب وإتاحة للاهتمامات الإنسانية، حتى تكون العلاقة بين الثقافات المحلية والعولمة علاقة تعايش وتعامل علينا أن نبحث لتجد كل ثقافة فرصة مواتية للوصول إلى الآخرين، وإن تركز العولمة على نفي الحدود ونهاية الاختلاف بما يخدم الثقافات المسيطرة لن يخدم العولمة، كما أن السير في ركاب العولمة دون تحفظ سيؤثر على الهوية المحلية وينتقص من سيادة الدول.

وأعتقد الدكتور الطيار في حديثة إن الملك عبدالله بن عبدالعزيز من خلال حوار مكة ومدريد ونيويورك قد أعطى مجالاً وهيأ فرصة لحكماء العالم وحكامه للتفاهم حول المشتركات الإنسانية والدفع بها نحو الواجهة مما سيعطي دفعة قوية لعولمة باعثة على التعايش ومشجعة للتواصل والتفاهم الإنساني.

وتطرق الدكتور يوزو إيتاغاكي في بداية حديثة لثلاثة عناصر تتمثل في التقاليد والعولمة، والتعايش والمواجهة، والسعودية واليابان، وهذا الطرح يهدف عن عمدٍ إلى دعوة اليابانيين إلى الحوار من أجل المستقبل بطرح سهل الاستيعاب لأنه مألوف لدى اليابانيين إذ إنهم متأثرون لدرجة كبيرة بفكرة التمحور الغربي (اليوروأميريكي) المدعم بنظرية العناصر المتقابلة المتصارعة. وفي مقابل ذلك نجد أن الدين الإسلامي يرفض هذا الطرح القائم على المواجهة التقابلية الداعية إلى الصراع، ويقبل التعددية والتنوع بكل إيجابية.

ومن جانب آخر تطرق إيتاغاكي إلى أن «التقاليد» من وجهة نظر الحضارة الإسلامية لهي العولمة، بل هي الطريقة الإنسانية في العيش ولا يوجد على الإطلاق الصراع القائم على المواجهة التقابلية بين التقاليد والعولمة في الحضارة الإسلامية. فنجد المسلمين في كل مكان يتوجهون نحو قبلة واحدة ويتجمعون في مكان واحد لأداء فريضة الحج محققين بذلك توحدا عظيما للجنس البشري. وهذا الأمر بعينه ما هو إلا دليل لكون التقاليد هي الوجه الآخر للعولمة بالسعودية الذي يتم التعبير عنه من خلال رسالة مقدسة من أجل إحياء وتفعيل «دين الإسلام».

و أكد بأن الحداثة قد بدأت من القرن السابع الميلادي وهذا مرتبط ببدء الحضارة الإسلامية، أما الحضارة الأوربية فلا تمثل إلا موجة جلبت الكوارث بسبب انتشار الانحرافات، وإن البحر يمثل لحظة «الربط» مثل الصحراء ما يعني أن البلد المكون من مجموعة جزر ليس بلدا معزولا، يجب إعادة النظر في النظرية القائلة بأن اليابان تمكنت من التقدم والحداثة مع المحافظة على الثقافة والتقاليد؛ فالتقاليد اليابانية ليست فقط في ديانات الكونفشيوسية أو الشنتوية أو البوذية ولكنها تأثرت كثيرا بمبادئ التعددية والشمولية التي تربط شرق آسيا وغربها مثل مبدأ التوحيد الإسلامي بالنسبة للهند والصين واليابان وإذا لم يتفق الشكل فهناك نقاط التقاء في المضمون والأصول، وبكل هذا يمكن القول بأن الحوار الياباني السعودي يمثل ضرورة مهمة تمكن اليابان من إعادة البحث عن جذورها وإدراك ذاتها.

ولقد حظيت فكرة «السلام» بمكانة كبيرة في الدستور الذي صدر في عهد الإمبراطور الياباني شوطوكو تايشي الذي حكم اليابان لدى فترة نشأتها البارزة في القرن السابع الميلادي، الجدير بالذكر أن كلمة (?) وتنطق (وا) تشير إلى اليابان ومعناها «السلام» منذ ذلك الحين وحتى وقتنا هذا، بل وتدخل ثقافة السلام هذه في العديد من المجالات والتعبيرات المستخدمة في الحياة اليومية لتعبر عن الروح اليابانية.

لكن اليابان ومن بعد فترة الحداثة في عهد ميجي، وحتى الهزيمة في الحرب العالمية الثانية قد سارت ضد تيار السلام واتخذت سياسات استعمارية حيث استعمرت البلاد المجاورة وتحولت إلى دولة محاربة ، وعندما انتصرت اليابان في حربها ضد روسيا كان لهذا الأمر صدى كبيرا لدى العالم الإسلامي ولكن ما يغفله العالم الإسلامي هو أن الإمبراطورية اليابانية مثلها مثل الإمبراطورية البريطانية التي حاربت المسلمين. أما اليابان الآن فقد فضلت تبني روح السلام، بنية الانضمام إلى النادي الأوربي الأمريكي.

وكذلك يوجد في تاريخ اليابان العديد من المواقف التي يجب الوقوف أمامها والندم عليها كالتفرقة العنصرية ضد الأقلية المعروفة ب»الأينو» وما إلى ذلك، فعلى اليابان التعلم من التاريخ، ومحاولة التعلم أيضاً من الحضارة الإسلامية من خلال إقامة شراكة معها هادفة بذلك تحقيق النهضة الحقيقية القائمة على روح السلام.

وحول مواجهة السعودية واليابان، قال يوزوا: إنها ليست مواجهة كروية بين منتخبي البلدين، ولكن حديثي هنا عن خبرة واقعية مررت بها، وكانت بداية الأمر في «منتدى الحوار الياباني الإسلامي» الملتقى السادس في الشهر الثالث من هذا العام، عندما منحنا فرصة زيارة المملكة العربية السعودية بدعوة من القصر الملكي لملاقاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حيث أعلن لنا خطته عن أخذ مبادرة البدء في الحوار بين الأديان من أجل تمكين الشعوب من التغلب على الأزمات التي يواجهها العالم حاليا. وهذه هي الرسالة التي يبعث بها الملك عبدالله من خلال المبادرة ببدء الحوار مع اليابان.

وكانت هذه المبادرة للحوار مع اليابان بداية لثمار جهود الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي بدت في مؤتمر الحوار الإسلامي المحلي بمكة في الشهر السادس من عام 2008 ومؤتمر حوار العالم الأول الذي عقد في مدريد برئاسة خادم الحرمين الشريفين وملك إسبانيا، وكذلك التجمع الخاص للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في الشهر السابع من العام نفسه، وهذا ما تطور وأثمر مؤتمر حوار الأديان والحضارات الثاني في جنيف في أواخر شهر عشرة من السنة التالية.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد