طوكيو - فهد الشويعر :
عشرات من اليابانيين، الذين اشتهروا بهدوئهم والتزامهم بالنظام، يقفون في صف طويل داخل جناح المملكة في معرض طوكيو الدولي للكتاب، ينتظرون دورهم للحصول على بطاقة صغيرة مكتوب عليها اسم كل واحد منهم بخط عربي جميل.
الجميل في الأمر أن ورشة الخط العربي داخل الجناح تمثل نموذجاً للتعاون الثقافي السعودي الياباني؛ حيث ينهمك معاً الخطاط السعودي إبراهيم العرافي والخطاطة اليابانية نوبوكو ساجاوا في خدمة ضيوف الورشة وكتابة أسمائهم أو أسماء من يحبون بحروف عربية جميلة ومزخرفة.
عشق الخط العربي بدأ لدى «نوبوكو ساغاوا» منذ كانت في السابعة من عمرها حينما اطلعت على خارطة العالم. تقول ساغاوا بلغتها العربية التي تتقنها ممتزجة بلكنة يابانية لا تخطئها الأذن: «وجدت كتابات باللغة العربية على موقع المملكة العربية السعودية. شعرت بأن هذه الكتابة العربية جميلة جداً، وأحببت الحروف العربية، ثم زاد شغفي بالثقافة العربية عندما قرأت «ألف ليلة وليلة» التي يقرؤها كل أطفال اليابان، وأعجبتني جداً أجواء القصة بما فيها من صحارى ومآذن وقباب وقصور وشخصيات، وقررت أن أدرس اللغة العربية؛ فالتحقت بعد تخرجي من الجامعة بالمعهد العربي الإسلامي في طوكيو التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وبعد تخرجي منه قررت دراسة الخط العربي فذهبت إلى دمشق، وأمضيت سنتين درست فيهما على يد اثنين من مشاهير الخطاطين العرب، هما محمد القاضي وحلمي حباب».
«نبوكو ساغاوا»، التي تتقن الخط العربي بأنواعه الستة (النسخ والرقعة والثلث والديواني وجلي الديواني والتعليق الفارسي) تقول: «الخط العربي صعب جداً، وكم مرة ندمت لأني تخصصت في هذا المجال»، ومع ذلك فهي سعيدة جداً بمشاركتها في جناح المملكة في المعرض، وتستعد لإقامة معرضها الثالث في جامع طوكيو، وهي تشعر بأن اليابانيين يستمتعون بالخط العربي ويحبونه.
إلى جانب «ساغاوا» يقف الخطاط السعودي إبراهيم علي عبده العرافي مبتسماً أمام عشرات اليابانيات يحاول بصعوبة أن يتهجى الأسماء اليابانية ليبدأ في رسمها بحروف عربية جميلة مزيناً خطوطه بقلوب ملونة، لم يكن يبدو عليه الإرهاق رغم أنه وقف ست ساعات متواصلة.. كان سعيدا بالإقبال الكبير على الورشة ورغبة الكثيرين في رؤية أسمائهم.
إبراهيم العرافي الذي يعمل حالياً معلماً للتربية الفنية والخط العربي في وزارة التربية والتعليم، كما ظل يعلم الخط العربي في حلقة خاصة في الحرم المكي الشريف لمدة أربعة عشر عاماً (من عام 1414هـ إلى 1428هـ)، يرى أن الخط العربي يمثل ورقة ثقافية ناجحة ينبغي أن تحرص المملكة عليها في المحافل الدولية. إبراهيم، الذي شارك في الأيام الثقافية في العديد من دول العالم من بينها الأرجنتين والسنغال وكوريا وكازاخستان، يشعر بأن مشاركته في جناح السعودية في معرض الكتاب السابع عشر باليابان من أفضل مشاركاته الدولية، وهو يتنبأ بمستقبل جميل ومشرف للخط العربي في اليابان؛ فالجمهور الياباني يعشق الخط العربي.
وحول أي الخطوط يختارها لكتابة أسماء ضيوف ورشة الخط العربي يقول الخطاط العرافي إنه يختار الخط الديواني والديواني الجلي والثلث في كتابة أسماء الزوّار اليابانيين؛ لأن هذه الخطوط تمكنه من كتابة الأسماء في حيز صغير، وبشكل فني جميل أشبه بالشعار أو «اللوغو»، مع توظيف العديد من الألوان في كتابة الاسم؛ لأن الجمهور الياباني متذوّق جيد للفن؛ «ولهذا أحرص على أن أقدم أسماءهم في شكل لوحة فنية جميلة».