Al Jazirah NewsPaper Sunday  11/07/2010 G Issue 13800
الأحد 29 رجب 1431   العدد  13800
 
بعد أن واجهت حملات ودعوات مشبوهة... الأمير فيصل بن محمد:
مصطلح الوطنية يحتاج لبحث علمي دقيق وعميق

 

الجزيرة - سعود الشيباني

أكد صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن محمد بن ناصر بن عبدالعزيز آل سعود أن البحث عن مصطلح الوطنية يحتاج إلى بحث علمي دقيق وعميق، يجتهد فيه طلبة العلم في سبر أغواره، وتفنيد الشبهات التي تحيط به، ليكون هناك مصطلح واضح يساهم في لحمة المواطنين ومعرفة المواطنة الحقيقية دون تحريف أو تزييف.

مؤكدا خلال محاضرة ألقاها في النادي الأدبي بجازان إيضاحه لبعض المفاهيم المتعلقة بالوطنية من حيث الماهية، والأركان، والخصائص، وتبيان مقومات الوطنية السعودية، والشبهات والمهددات التي تحيط بها، مشيرا إلى أن بعض الباحثين عزا ظهور مصطلح الوطنية؛ بظهور الدولة العصرية (القانونية) في العصر الحديث، التي تتكون من إقليم جغرافي محدد، يسكنه شعب، وتحكمه سلطة ذات سيادة. إلا أن الكثيرين اختلفوا في مفهوم الوطنية ودلالاته ... فالوطنية لغة: من الوطن: المنزل تقيم فيه؛ وهو موطن الإنسان ومحله. إذاً فدلالة الوطنية تعود إلى (مكان) النشأة والإقامة. أما في الاصطلاح فقد اجتهد الباحثون في تعريف الوطنية، وكانت اجتهاداتهم متعددة الاتجاهات وتنظر للمفهوم من زوايا متعددة. ومن تلك التعريفات من الزاوية القانونية: عرفّت ب»انتماء الإنسان إلى دولة معينة، يحمل جنسيتها، ويدين بالولاء لها.» يوصف هذا التعريف بأنه غير جامع لأن العاطفة الوطنية والانتماء والولاء، لا تؤطرها الجنسية أو الهوية الوطنية فهي عاطفة فطرية قد تصل إلى المقيم، أو حتى لشخص يحمل جنسية دولة أخرى. أما من زاوية السياسة الشرعية: عرفها أحد الباحثين ب»قيام الفرد بحقوق وطنه المشروعة في الإسلام» ويلاحظ على هذا التعريف أنه عرّف الوطنية بثمرتها ونتيجتها وهي (المواطنة) ولم يتطرق إلى ماهيتها. كما عرفها أحد الباحثين ب» هي تقديس الوطن؛ بحيث يصير الحب فيه، والبغض لأجله، والقتال في سبيله؛ حتى يطغى على الدين؛ وحتى تحل الرابطة الوطنية؛ محل الرابطة الدينية». وهذا التعريف عرّف المغالاة في الوطنية، وليس الوطنية بحد ذاتها، كما أنه جعل العلاقة بين الدين والوطنية علاقة تضاد، وهذا أمر فيه ما فيه... ويرى الباحث أن الوطنية هي: (عاطفة حب وانتماء، لمكان ذي حضارة، يتبعها نشاط إيجابي).. مشيرا إلى أن التعريف يقودنا إلى أركان الوطنية. الثلاث وهي: عاطفة حب وانتماء: والحب يقوم على تصور أو على شعور فيه انجذاب شديد إلى المحبوب أو الشيء النافع، والانتماء حالة اندماجية تحصل بين الناس وأوطانهم؛ يتحقق به التفاعل الإيجابي، وبه تستمر الأوطان وتنمو وتزدهر. والمكان ذو حضارة حيث إن المكان في حد ذاته ليس منبع الوطنية ابتداءً، أما إن ظهر تأثيره في أنشطة البشر بتوفر كافة ضروريات وحاجيات الحياة فيه؛ يكون حينها منبعاً لها. أما النشاط الإيجابي هو ثمرة الوطنية التي تظهر في النشاطات التي تحفظ الوطن ورموزه ومقدراته. وتلك التي تقوّم نهجه، وتعدل مساره. وتلك التي تضيف إلى منجزاته؛ بدفع عجلة النماء والتطوير في الفكر الإنساني والتقدم العمراني.

وقال الأمير فيصل بن محمد: إن الوطنية السعودية تقوم على مقومات عديدة وراسخة، تحتاج لتأمل وتفكر بعد مقارنة الماضي بالحاضر لنتمكن من استشراف المستقبل وهي: ظهور الدعوة السلفية الإصلاحية على يد الإمامين محمد بن عبدالوهاب، ومحمد بن سعود رحمهما الله في تاريخ 1157هـ مشيرا إلى أن دور المملكة العربية السعودية يأتي في معالجة ما ورثته من مظاهر سلبية أفرزتها تلك التيارات بالآتي: حرصت الدولة السعودية على توطين أبناء البادية، فأُنشئت (الهجر) ومدها بكل ما يلزم من احتياجات الحياة ومستلزماتها، وبالتالي أنهت حالة العوز والفقر والتي كانت سبباً في إغارة القبائل على بعض، وبعثت لهم الدعاة والعلماء لنشر العلم والوعي، فتحولت الرغبة الشديدة في إراقة الدماء بينهم، إلى رغبة في خلط دمائهم عن طرق المصاهرة وهذا ما كان. وحرصت الدولة السعودية أن يكون العلم والعمل معياراً لدخول الوظيفة العامة والتدرج في مراتبها، وضيقت من نطاق تأثير القبلية والمناطقية عليها. وربط جميع مناطق المملكة بشبكات المواصلات، وهذا بدوره أنهى حالة العزلة التي كانت تعيشها بعض مناطق المملكة، وانتشرت التنمية بكافة صورها، وزاد التواصل بين أبناء المجتمع، ومنها انتشار الفكر وتبادله وانتشار الوعي.

أما بخصوص المذهبية، فقد انتهجت المملكة سياسة عدم التفريق بين أبناء المذاهب المختلفة في الحقوق والواجبات الوطنية، وكفلت لهم حرية الممارسة الدينية، وقدرت واحترمت شيوخ تلك المذاهب، واحتوتهم ترسيخاً لتوحيد الصف، وفسح المجال لتبادل الآراء لتحقيق مبدأ أدب الخلاف، وصولاً لتصحيح الخطأ وانجلاء الشبهات والانحرافات في تلك المذاهب. وبين الأمير فيصل: أن الوطنية السعودية واجهت حملات ودعوات مشبوهة، بدأت منذ أن كانت الدولة السعودية في طور الدعوة في بداياتها وحتى الآن. مؤكدا أن حمل لواء تلك الدعوات المضلة فريقان؛ هما فريق اللا وطنية والوطنية المقنعة. وهدفهما واحد وهو القضاء على الدولة السعودية، وإعادة أحوال بلادنا لما قبل التوحيد.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد