يستشهد بعض أولياء أمور الطلاب بهذه العبارة عندما يزور المدرسة للسؤال عن أحد أبنائه، ويقصد بهذه العبارة «أن ابني تحت سلطتكم وقيادتكم، ولكم أن تتصرفوا كما تشاؤون، ولكم الحرية في ضربه حتى يصبح عظماً، فاللحم لكم والعظم لنا»، وهذا - من وجهة نظري - غير صحيح وغير مُسلَّم به، فالأب أو الأخ هو المسؤول الأول عن ابنه أو أخيه، والمدرسة مسؤولة في الدرجة الثانية، وليست مسؤولية مطلقة، بل عليها التربية الحسنة والتعليم لهذا الطالب من ضمن طلاب المدرسة الآخرين.
والأب عندما يقول للمدرسة «لكم اللحم» إشارة منه لتفويض المدرسة في شؤون ابنه، وإخلاء لمسؤوليته عن ذلك. ولن تنتهي مسؤوليات الأب عن ابنه حتى يموت أحدهما، فالابن مرجعه والده مهما كان سنه أو عمله أو مرتبته، والأب أب ومسؤول عن ابنه مهما درَّسه وعلَّمه ووظَّفه.
ومع كل هذا نجد أنَّ عدداً من الآباء يذمون المدارس والمدرسين، ويصفون التربية بأقبح الأوصاف، وإذا زارو المدرس قالوا: اعملوا ما شئتهم (الولد ولدكم). والصحيح أن الولد ولد أبيه لمدة ثماني عشرة ساعة، وولد المدرسة ست ساعات فقط وليست كل يوم.
فلذلك على الآباء معرفة مسؤولياتهم تجاه أبنائهم، ومعرفة أن المدرسة تضم عدداً كبيراً من الطلاب، ولا تستطيع تمييز طالب عن طالب، أو المبالغة في تربية طالب وترك الآخرين. وعلى الآباء أن يراعوا فوارق العصور واختلافات الأزمنة، حيث إن معطيات عصرنا الحاضر تختلف بكثير عما قبل عشرين سنة فقط فضلاً عما كان من قبل، فطريقة التعامل سوف تتغير بناء على ذلك.