العقال والعباءة العربية مكونان تراثيان في تفصيلات الزي العربي حسب ما تختزنه الذاكرة التاريخية والتمسك بهما واجب. العقال والعباءة تعتمران في مواقف الوجاهة والحفلات والأعراس ويمكن تعليقهما على الوتد عند القيام بالأعمال التي تتطلب المهارات العملية. لا شك عندي أنهما في موضعهما الصحيح تضفيان جمالاً وهيبةً لا تخطئهما العين المحلية ولا الأجنبية. بهذا نستطيع أن نقول إن العقال والعباءة تستجيبان لمبدأ: لكل حادث حديث ولكل مناسبة لبوس.
لكنني أرى بعض الإشكال في مواصفات ثوبنا الحالي خصوصاً أنه الجزء الأساسي في الزي الوطني. هل هو فعلاً سليل الثوب القديم وابن شرعيٌ لما تختزنه الذاكرة عن الثوب التراثي، بنوع قماشه البلاستيكي المصقول والتصاقاته الجانبية والخلفية وياقته المجنحة أو المخنوقة، إلى آخر ما يحتال به علينا الخياطون الأجانب لتزويق هذه القطعة من القماش؟.
شخصياً أعتقد أن انتماء ما نلبسه الآن إلى الزي العربي الأصيل يشبه انتماء الطاووس إلى جنس الطيور بينما هو لا يطير ولا يؤكل. ما نلبسه حالياً ونسميه ثوباً مطلوبٌ منه أن يستر لكنه يجسُّم ولا يستر، وأن يصمد للرياح والحرارة والغبار ولكنه لا يصمد، وأن يفي بمتطلبات الصعود والنزول والرفع والتنزيل والجري والالتفاف ولكنه لا يفي من ذلك إلا بأقل القليل.
الثوب كما هو الآن (وكونوا منصفين وعمليين) مع العباءة العربية والغترة والعقال يصلح للأعراس والاحتفالات والمراسيم الوجاهية، ولكن بعد أن يصبح فضفاضاً أكثر ومن قماش طبيعي متصالح مع عوامل الطقس الصحراوي. لكنني لا أعتقد أن الثوب بمواصفاته الحالية يصلح للعمل الطبي ولا لورش النجارة والفك والتربيط ولا للتحميل والتنزيل في المتاجر والمطارات ولا للدفاع والهجوم أو حتى الهروب من الخطر عند الحاجة، كما أنه يحترق ويلتصق بلابسه كقطعة من جهنم عند ملامسة أول شرارة من نار.
وما دمنا لا نستطيع خلعه وتعليقه مثل العباءة والعقال حسب متطلبات العمل: فلماذا لا نوجد بديلاً له يفي بالاحتياجات الفعلية للحياة. هل بدأت أسمع أحداً يقول تغريب تغريب؟.
لا يا أخا العرب لا تغريب ولا يحزنون.. بل مجرد اقتراح لإجراء التعديلات اللازمة نحو ما يفي بمتطلبات الستر وتقلبات الطقس وظروف العمل اليومية، وإلا فهل ترضى أن يجري لك الجراح عملية المرارة وهو يعتمر الثوب والغترة والعقال لكي يطمئن قلبك على ثوابتك الوطنية؟