يعتبر تأسيس الغرفة التجارية الصناعية بالرياض من أهم مراحل تأسيس القطاع السعودي بشكله المؤسسي والحقيقي، وقد سبق ذلك اجتهادات ومبادرات فردية لا ترقى إلى مستوى المؤسسات الاقتصادية، تلك القناعة ترسخت لدي منذ نعومة أظافري وأنا أستمع إلى الحوار الدائم بين العم عبد العزيز المقير- يرحمه الله - ووالدي عبد الله المقيرن - أطال الله في عمره -، فقد كانت (الغرفة) دوماً قاسماً مشتركاً في أحاديث بين الكبار في بيتنا، الأمر الذي أسهم في نسج صورة رائعة من الإعجاب والتقدير لدي تجاه هذا الكيان الذي اعتبرته حلما للعائلة تحول إلى واقع مشرف نفخر به جميعاً.
لقد سمعت مراراً من العم عبد العزيز - يرحمه الله - عن صعوبات البدايات، وميلاد الفكرة لديه - طيب الله ثراه - منذ عام 1373هـ لتأسيس كيان يراعي مصالح التجار ويحكم في النزاعات التي تنشأ بينهم، ودفاعه عنها على مدى عشر سنوات عن الفكرة رغم معارضة البعض، إلى أن صدرت الموافقة الكريمة لتكون الغرفة أول مؤسسة للمجتمع المدني بالرياض يحكمها قواعد ونظام على أعلى مستوى.
وأدركت منذ الصغر أن نجاح الغرفة وإنجازاتها المتوالية كان وراؤها رجالا أفذاذا يتقدمهم أمير الرياض المحبوب صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، فإيمان الرجل بالفكرة، وإدراكه الواعي للدور المأمول من هذا الكيان، وقراءته المستقبلية لتنامي دور القطاع الخاص في بلدنا، جعلته رعاه الله يحتضن كل مشروع تطرحه الغرفة، وكأنه حلقة الوصل بين القطاع الخاص ممثلا في الغرفة، والدولة بكافة أجهزتها.
وعلى مدى سنوات وبحكم انتخاب الوالد عضواً في مجلس الإدارة لثلاث دورات متتالية تابعت نماء هذا الكيان واتساع دائرة خدماته ومبادراته، وعمق تأثيره في تطوير أداء القطاع الخاص وأيضاً المشاركة الفاعلة في خدمة المجتمع، وهو القطاع الذي اطلعت عليه عن قرب من خلال الوالد الذي اختار الانسحاب من عضوية المجلس لإتاحة الفرصة للأجيال الشابة لضخ دماءً وأفكاراً جديدة تثري من مسيرة التجربة، ولكنه سرعان ما عاد للغرفة متطوعاً لتأسيس إدارة خاصة لخدمة المجتمع، في اعتقادي أنها الأولى من نوعها في الغرف التجارية السعودية، لتكون ميلادا لثقافة مشاركة القطاع الخاص في تلبية احتياجات المجتمع والتنمية الاجتماعية، أو ما يعرف الآن ببرامج المسؤولية الاجتماعية.
لقد عشت تجربة الانتخابات في الغرفة من خلال ترشيح الوالد وكانت تجربة رائعة فريدة من نوعها في ذلك الوقت، أضاف لي الكثير وزادت من ارتباطي لهذا الكيان العظيم.. بعد ذلك أدخلني الوالد - حفظه الله - في لجنة تنمية الموارد المالية في لجنة رعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم بمنطقة الرياض كعمل تطوعي بحكم عملي في البنك، وبدأت أتعلم لأشهر من خلال عملي في اللجنة وتواصلي الدائم مع الفريق الذي يعمل في إدارة خدمة المجتمع في الغرفة واطلعت على ما تقدمه الغرفة من خلال هذه الإدارة في مجال تبني ودعم وتقديم العون لبعض الجهات الخيرية واللجان والأنشطة الاجتماعية.
كما عملت بأدوار الغرفة في المجالات الأخرى التجارية والاقتصادية والصناعية والعقارية والمالية والزراعية وغيرها، حيث أنها أصبحت المظلة التي تنطلق منها كل القطاعات بشكل مهني وعملي مما يساعد على الوصول إلى النتائج المرجوة وتطوير آليات العمل وتشريف البلد بالتواصل وإيصال الصورة المتطورة والصحيحة عن بلدنا المعطاء ومجتمعنا المتكاتف للبعثات الدولية والتجارية في كافة أنحاء العالم.