التوصية التي رفعها مجلس الشورى لهيئة السوق ومؤسسة النقد من خلال لجنته المالية حول واقع شركات التأمين وضرورة إعادة النظر فيها.. وكذلك ضرورة قيام المؤسسات الاستثمارية بتخصيص 10% من رأسمالها للاستثمار بالسوق المالي كشرط لممارسة عملها تبدو منطقية.. وهي خطوة مهمة تنم عن اقتراب المجلس أكثر من واقع السوق المالي.
وإذا كانت المطالبة بضرورة تفعيل دور مؤسسات الاستثمار بجانب يخدم تكوين صنّاع سوق على المدى الطويل بوقت مناسب من حيث قيمة السوق وعدد الشركات الموجود بالإضافة إلى المساهمة أكثر بتنظيم جانب التراخيص التي يتقدم لها من يرغبون الخوض في هذا المجال فإن الدخول أكثر لمناقشة العوائق التي تعترض الشركات الجديدة تحديداً وما ينقصها من محفزات تسمح بإيجاد مناخ للمنافسة العادلة مع الشركات القديمة التي خرجت من رحم البنوك التجارية لدينا يُشكِّل أهمية قصوى أيضاً لأن فيه تحسيناً لأدائها وفتح مجال للإقبال على طلب التراخيص بشكل أكثر فائدة.. فأعتقد أن المجلس يعرف أن هناك عشرات التراخيص التي أُلغيت بطلب من أصحابها لصعوبات واجهتهم بالتشغيل نتيجة غياب المنافسة العادلة وليس أقلها عدم وجود شركة تسويات تشمل كل المؤسسات الاستثمارية فما زالت هذه المؤسسات تلجأ للبنوك للقيام بأي تسوية مع عملائها.. وهذا يُشكِّل عاملاً سلبياً عليها كونها تكون مكشوفة أمام شركات منافسة تتبع لتلك البنوك بغض النظر عن أن البنوك تلتزم السرية بعملها.. ولكن يترك هذا الجانب عامل قلق مستمر للجديدة منها.. فما نأمله من المجلس مناقشة أوضاع هذه المؤسسات بشكل أكثر عمقاً لمعرفة أسباب تعثر البعض منها.
أما قضية شركات التأمين فأعتقد أن المجلس تأخر كثيراً بجانب فحص أوضاع الشركات قبل طرحها للاكتتاب العام كونه طالب بعدم الاكتتاب قبل التأكد من استقرار أوضاع الشركات وانطلاق عملها بالشكل المطلوب لأن عدد الشركات في السوق فاق 30 شركة وحجم المضاربات التي تمت عليها كان كبيراً جداً وتعثر بعضها ممن طالب برفع رأسماله لم يكن وليد فترة قريبة.. بل منذ أكثر من سنة بدأت تلك الشركات بطلب تعديل رؤوس أموالها لكي تبعد عن شبح الإفلاس.. ولذلك تبدو التوصية المنطقية هي الغوص أكثر في صميم عمل المؤسسة عند ترتيب أوضاع هذه الشركات والمطالبة بحد معين من رأس المال لها يسمح لها بالعمل.. وكذلك مناقشة تصحيح أوضاع القطاع من ناحية التراخيص الممنوحة لعمل الشركات والتي انتظر البعض منها فترة طويلة حتى حصلت على تلك الرخص بالإضافة لضرورة توسيع نشاط التأمين عبر إلزاميته على قطاعات متنوعة سواء في العام أو الخاص.. بالإضافة لدارسة تشجيع الشركات الموجودة على الاندماج بينها أو الاستحواذ كي يتمكن القطاع من تصحيح نفسه بشكل أفضل.. كما يجب النظر بمدى الاستمرار بتأسيس شركات جديدة.. فعدد الشركات وحجمها ومقارنته بواقع وحجم السوق يفرض النظر بجدوى الاستمرار بإيجاد شركات جديدة من عدمه.
مناقشة المجلس لهذه القضايا الملحة مسألة إبجابية ويراها البعض متأخرة جداً.. لكن ما يفرض نفسه اليوم هو مدى المساعدة على علاج أي خلل موجود بأوضاع السوق وقطاعاته.. كون أن ما تم أصبح واقعاً.. فلا بد من البحث عن سبل التطوير والوقوف مستقبلاً على أي تطورات بشكل يسبق تراكم الإشكاليات بوقت مبكر.