داء التكريم ب (الجملة) أصيبت به مهرجاناتنا المسرحية، أسلوب جديد للتكريم يبدو أن له علاقة بخصوصيتنا!.. فعدد المكرمين يذكّرني بحفلات التخرج! لسبب بسيط هو أن التكريم لا يخضع لآلية واضحة ودقيقة! وغالباً لا يكون هناك فرز حقيقي لمن كان له جهد مسرحي مؤثر أو إنجازات في مجال تخصصه سواء كان مؤلفاً أو مخرجاً أو غير ذلك! مما يجعل التكريم يفقد شيئاً من أهميته ويشعر المكرم أنه مجرد عدد في قائمة أُعدت بدافع المحبة والعلاقة الشخصية أو لأسباب أخرى!.. ولهذا فإنني أجزم بأن حفل تكريم (السفير) فهد الحارثي سيكون مختلفاً جداً.. وأقول السفير لأنه سفير حقيقي بما تعنيه الكلمة للمسرح السعودي.. فهو من القلائل المعروفين في العالم العربي الذين يحظون بالاحترام والتقدير! لن أتحدث عن إنجازات المُحتفى به.. لكن يكفينا أنه مؤخراً تم تكريمه كأحد أفضل عشرة كُتّاب عرب في مهرجان قرطاج المسرحي, وسبق أن كُرم في مهرجان المسرح العربي بالقاهرة, وهذا بحد ذاته إنجاز مهم ليس للحارثي فقط.. ولكن للمسرح السعودي! لذلك يأتي حفل التكريم الذي خطط له وأعده وصممه أعضاء ورشة العمل المسرحي بالطائف في وقته، وهو لفتة جيدة للجهات المسؤولة عن المسرح في المملكة لتقوم بدورها في تكريم الأشخاص الذي يقدمون بصدقهم الفني مسرحاً سعودياً مشرفاً سواء في الداخل أو الخارج.. ولعله من باب الاستحقاق أيضاً الثناء على هذه الورشة التي ظلت متماسكة تقدم المسرح رغم كل ما واجهها من صعاب إدارية في بعض الفترات.. وحتى من بعض المسرحيين الذين اختلفوا معها.. ولكنهم أخيراً أقروا بالدور الكبير الذي تقوم به وفق منهجيتها وطريقتها الخاصة! ولقد تعودنا أن الفرق والورش الفنية في كثير من الدول سريعاً ما تنقسم وتنشأ عنها فرقاً أخرى لكن فرقة الطائف تزداد تماسكاً.. وهذا الاحتفاء أحد الدلائل القوية على تماسكها ودليل على نموها وتنامي أعضائها فهي لا تزال بنفس مستوى العطاء منذ أن أنشأت عام 1413 ه.. لتبقى على مر عقدين من الزمان تقريباً.. وهي تعطي للمسرح السعودي أعمالاً مسرحية تتسم بالجدية والجودة تحت دافعية متألقة للعمل المسرحي تأخذ همتها ونشاطها من عرّابها وملهمها فهد الحارثي الذي كان أيضاً له دور ريادي مع زميله المخرج أحمد الأحمري في تصدير تجربة ورشة الطائف إلى عدد من فروع جمعية الثقافة والفنون في مناطق المملكة.
ختاماً لعله من الواجب الإشادة بما يقوم به معالي محافظ الطائف الأستاذ فهد بن عبد العزيز بن معمر من جهود تعودناها في دعم الثقافة والفنون في مدينة الطائف.. ولعل دعمه لأنشطة الجمعية ورعاية مثل هذا التكريم لسفير المسرح السعودي دليل على ما يقدمه من رعاية مستمرة للثقافة والمثقفين.
alhoshanei@hotmail.com