الصحة في نظر الإسلام وسيلة لدوام الحياة، وهي وسيلة من وسائل تقوية الإرادة؟ وإن سلامة الإنسان منوطة باتخاذ التدابير الطبية والوقائية التي تؤدي إلى سلامته من كل الأمراض، وحمايته وإعطائه أهمية كبرى تجعله يشعر بالقوة والإقدام على أداء الواجبات الشاقة وعدم التهاون والتخاذل أمام صغائر الأمور، وللقضاء على كل ما من شأنه عدم تقدم الإنسان ووصوله إلى الأهداف فلابد من جسمٍ سليم في عقل سليم؟ من هنا يأتي دور وزارة الصحة بتقديم كل ما هو مفيد للإنسان وللأسرة وللمجتمع وما دمنا نؤمن أن الرابط القوي بين أفراد هذا المجتمع هو الدين، فإنه من الأهمية بمكان أن نطبق جميعاً هذا المبدأ في كل مناحي الحياة، وأن نساهم في التكاتف والتعاضد والتعاون على البر والتقوى وحماية العقول والأرواح، وأن يكون للصحة الدور البارز في هذه المجالات، وعلى هذه الوزارة البحث عن كل ما يهم الإنسان ومصلحته وإبعاد شبح الأمراض والوسواس والإحباط، والاهتمام به على قدر إنسانيته ومكانته؛ فإن تطبيق كل ما يهم البشر يمثل القيم التي أمر بها الدين الحنيف. فما الذي يمنع من تطبيقها نصاً وروحاً لدى وزارة الصحة الموقرة؟ ومع إدراكنا لأن مشافينا لا تتعمد على الإطلاق تجاهل حياة المواطن وعقله وجسمه إلا أن هناك قصوراً حاصلاً يدعو كثيراً من الناس إلى التساؤلات. وهل ما يشاهد ويلمس يمثل حال وزارة الصحة وإمكاناتها؟ فكل مستشفى تذهب إليه تجد أن أعداداً كبيرة من المرضى بعضهم يفترش الأرض وبعضهم الآخر ملقى على الأرض في الأسياب، وهذا ينطبق على كل أقسام الطوارئ، حتى أن كثيراً من الأصحاء المرافقين مع مرضاهم لن يعودوا إلى منازلهم إلا وهم يعانون من أمراض نفسية وعضوية من هول مشاهداتهم.
وأما المواعيد فحدث ولا حرج؛ فبعضها يستمر لأكثر من عام؛ حتى أن أحد المرضى أُعطي موعد لمدة طويلة وقد تُوفي قبل هذا الموعد وفوجئ أحد أبنائه بأن المستشفى يتصل به لإحضار المريض؛ فقال لهم: إنه مات؛ فادعوا له بالرحمة، ولم يصدقوا، وهددوا بإلغاء ملفه إن لم يحضر في الوقت المحدد!!
إن المواطن لا يعذر هذه المستشفيات التي تدعي في كثير من الأحيان أن عدم وجود إمكانات كافية يحول دون توفر الأسرّة ويحول دون توفير طواقم طبية، ولكن المواطن يدرك أنه في دولة تحميه وترعاه، ولأنه تعوّد من دولته الوفاء والصدق، فالجميع يريد من هذه الوزارة أن تساهم في رفاهية المجتمع، وإبعاد كل الأمراض عن هذا البلد، والمساهمة في رفع مستوى الإرادة والوعي الصحي لدى كل مواطن؛ وبالتالي رفع الضرر عن الأجسام والعقول، وأخيراً المساهمة في تقدم الوطن واستقراره وازدهاره؟ ولا نريد أبداً من هذه الوزارة أن تساهم في تحطيم الإرادة لدى الشعب في كل أطيافه!؟
***