Al Jazirah NewsPaper Wednesday  05/05/2010 G Issue 13733
الاربعاء 21 جمادى الأول 1431   العدد  13733
 
حديث المحبة
انتهاك الأخلاق
إبراهيم بن سعد الماجد

 

كتبت قبل أشهر هنا مقالة تحت عنوان (ظلمني أبي فمن ينصفني) حيث لاقت ردود فعل من القراء تنبئ عن أن ثمة مشكلة أكبر مما كنت أتوقعه في هذا الاتجاه.

فتاة تلاقي الظلم من أقرب الأقربين لها، بل من الإنسان الذي من المفترض أنه الدرع الحصين الذي يقف في وجه كل من أراد بها سواءً ولو بالكلام فكيف إذا كان أبعد من ذلك؟

قبل أيام قرأت للزميل الدكتور عبدالعزيز قاسم قصة تلك الفتاة التي جاءت له في مكتبه في الجريدة كملاذ أخير بعد أن أعيتها الحيل وتاهت في شوارع جدة هائمة على وجهها تقطع المعاناة قلبها والدموع محاجرها، وما ذلك إلا بسبب والدها المنحرف والذي سبب لها آلاما نفسية وجسدية لا يمكن أن تحدث من إنسان سوي فكيف إذا كان هذا الإنسان والدها؟!

مختصر قصة هذه الفتاة أنها تعرضت للاغتصاب أكثر من مرة من قبل والدها، ولجأت لأكثر من جهة رسمية وكان مصيرها إعادتها لبيت أبيها دون شعور بالمسؤولية من قبل هؤلاء المؤتمنين على أعراض وسلامة الإنسان، وكان ملجؤها الأخير الصحافة التي قام الزميل د. عبدالعزيز بدور يشكر عليه وكذلك قامت هيئة الأمر بالمعروف في مكة بالدور المأمول منهم والذي عهدناه دوما منهم في مثل هذه الأحداث الإنسانية.

قصة هذه الفتاة والعشرات بل المئات من أمثالها لا يمكن أن تمر مروراً عابراً دون أن نتوقف معها لا بصفتنا الإنسانية فحسب بل بصفتنا الرسمية لمن هم في سدة المسؤوليات الأمنية والاجتماعية، وأن تدرس مثل هذه الظاهرة دراسة عاجلة ومستفيضة في نفس الوقت، ونوجد العلاج الآني لهؤلاء الضحايا اللائي يجب أن ينظر لهن على أنهن يمثلن جيل وأمهات المستقبل، وأن مثل هذه الحوادث الأخلاقية ستوجد جيلاً مضطرباً غير واثق في من حوله مهما طال الزمن.

إن معالجة القضايا وخاصة الأخلاقية منها يجب أن يكون عاجلاً وحازماً وأن تتخذ أقسى العقوبات في حق من يكون سبباً في تدمير نفسيات أجيالنا القادمة حتى ولو بلغ الأمر حد السيف (إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن).

قصص وروايات حقيقية تقشعر منها الأبدان تنتهك بها حرمات وتقتل بها براءات وتحطم قلوب وتذرف عبرات، وما ذلك إلا بسبب البعد عن الله سبحانه وتعالى، وقلة الروابط الاجتماعية والشفافية بين مؤسسات المجتمع المعنية بحماية حقوق الإنسان وضعف التواصل الإعلامي أو قل الظهور الإعلامي لهذه الهيئات والمؤسسات والجمعيات المعنية بحماية الأخلاق والإنسان بشكل عام.

إنني أطالب بتكثيف الجهود من قبل مؤسسات المجتمع المدني وإنشاء مؤسسات جديدة بدماء جديدة تعنى بحماية الأعراض وانتشال الإنسان الذي حطم نفسياً بسبب أو بآخر ليكون عاملاً نافعاً في مجتمعه، قبل أن يكون سبباً في ظهور جيل من المحطمين الناقمين على كل ما هو إنسان في هذا الوجود.

أكتب وأنا أقرأ أكثر من حادثة تؤلم القلوب وتكدر النفوس وتنذر بأزمة نفسية قادمة لجيل مختلف.

أكتب وكلي أمل في أن لا تكون هذه الأحرف لتسويد هذه المساحة من هذه الجريدة فقط، ولكن كلي أمل أن تصل على من بيدهم اتخاذ القرار بل القرار العاجل في معالجة هذه المشاكل وسن القوانين الرادعة والصارمة والقوية، وأيضاً في إعلان إنشاء مؤسسة تعنى بالأخلاق ليس إلا، فماذا سيبقى لنا إن ذهبت أخلاقنا؟



almajd858@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد