حين كسرت قناة الجزيرة الحظر على خروج الشخصيات الإسرائيلية الرسمية، وغير الرسمية على المحطات العربية منتصف التسعينيات، أصبح حضورهم مستمراً ومتواصلاً، توافدت شخصيات إسرائيلية على الظهور الإعلامي في أكثر من وسيلة إعلامية عربية، بين صحف ومحطات تلفزيونية، وقدمت وسائل الإعلام لنا انطباعاً آخر جديداً، غير الذي نعرفه تقليدياً عن المسئولين في إسرائيل، وحتى عن شكل شوارعها وميادينها، والملفت حديثهم جميعاً باللغة العربية، وبشكل فصيح ومثير للانتباه، لطرح وجهات النظر الرسمية أو الشعبية، بما في ذلك نشطاء السلام وحقوق الإنسان.
قبل فترة خرج محسن العواجي على قناة العربية، ليقول إنه مستعد للخروج على قناة إسرائيلية، ويبرر رغبته تلك بظهوره على قناة «العربية الإخبارية»، والعواجي رجل الدين، وخريج كلية الزراعة، لا يجيد طبعاً اللغة العبرية، لكن كل التلفزيونات الإسرائيلية مستعدة لتوفر له ترجمـة فورية لنقل مشاركته الإعلامية إلى الشارع الإسرائيلي الذي ينتظر ماذا سيقول سماحته؟!.
الأيام الماضية، أشغلنا رجل دين آخر، وهو يعلن عن رغبته ببث إحدى حلقات برنامجه التلفزيوني القائم على الدردشة وبعض الدروشة من القدس، والشيخ محمد العريفى الذي عبَّر عن رغبته بزيارة القدس المحتلة، تراجع عن فرقعته الإعلامية حتى يمنع الإسرائيليين من أن تقر عينهم برؤية صورته المباركة!.
لماذا هذه «الفرقعات» الإعلامية..؟
الحقيقة أن بعض رجال الدين اليوم يشبهون رجال الصحافة ونجومها، بل يتجاوزونهم إلى نجوم الفن ومشاهيره وفناناته، وكثرتهم اليوم تجعل البعض منهم يبحث عن أساليب، تتجاوز لخطوط تقليدية من أجل أن يسجل اسمه وحضوره، وصدقوني أن هذا كل شيء.
الهدف هو الشهرة والتشهير بأنفسهم في ذات الوقت، وللشهرة مذاق لم يدركوه إلا بعد أن أخذوا جرعة قوية من التواجد تحت الضوء، ومساحات الشهرة، التي تخلق لهم هالة جديدة لم يعتادوا عليها في السابق، ولا يمكن لهم أن يتخلوا عنها أبداً.
هم باحثون عن الشهرة، وليسو أصحاب رسالة، لأن أياً منهم لو طلبت منه أن يتعلم اللغة العبرية- مثلاً - فسيرفض ويحتج ويحرم تعليمها بدواعي التطبيع.
وقليلون جداً في العالم العربي ممن لديهم استعداد لتعلم العبرية، ونقل وجهة النظر العربية مع أو ضد السلام، ولو حدث أن خرج إعلامي على شاشة قنــاة إخبارية إسرائيلية فستقوم عليه الدنيا العربية البائسة دون أن تقعد، حتى ولو كان يهاجم الســياسات العسـكرية الإسرائيلية.
المشاركة في وسائل الإعلام الإسرائيلية للعرب مهمة وضرورية،، وحضورنا في إعلامهم كما يتواجدون في إعلامنا حاجة لا بد أن نتجاوز حواجزها النفسية وفكرة مقاومة التطبيع المهترئة، بعيداً عن مفرقعات رجل الدين..!
إلى لقاء..