في ظل رخاوة الموقف الأمريكي للحد من التعنت والتصلب الإسرائيليين اللذين غير مرتبطين بوجود متشدد كبنيامين نتنياهو على رأس الحكومة الإسرائيلية كما يكتب ويقال، بل إن الإسرائيليين ولتثبيت احتلالهم يرفعون سقف إملاءاتهم واشتراطاتهم طالبين من الفلسطينيين تقديم التنازلات تلو التنازلات حتى لم يصبح عند الفلسطينيين شيء يقدمونه، اللهم إلا ملابسهم.. فحتى أولادهم كتب عليهم أن يتنازلوا ويتركوهم في معتقلات إسرائيل.. وأن يتنازلوا عن أراضيهم، بل عليهم حتى التنازل عن الأحلام، فلا يجوز لهم الحلم بالعودة.. ولا بالقدس.. ولا بسيادة ولا حماية.. ولا شيء.. ليتبقى حكم دولة مسخ لها علم.. ونشيد.. ولكن بلا أرض معترف بهم وبلا حدود..!!
هكذا يريد الإسرائيليون ولا أحد في واشنطن قادر أن يقول لهم (لا)، فالأمريكيون (يبصمون) على كل ما يريده الإسرائيليون.. وعلى أوباما أن يجرب..!! وعليه أن يحذر أن يحفروا له حفرة كالتي رتبت لزميله في الحزب الديمقراطي كلينتون.. وليس شرطا أن تكون حفرة من ماركة (مونيكا) فهناك حفر.. وحبائل صهيونية عديدة.. والحذر واجب لكل من يتعامل مع الصهاينة..!!
هذا العجز الأمريكي ومن أجل صالح السلام في المنطقة العربية، وإعطاء فرصة لأبنائها للحاق بالعالم لتسريع جهود التنمية والتقدم لا بد من إعطاء فرصة للقوى الدولية الأخرى للإسهام بتحريك عملية السلام.. وفي داخل اللجنة الرباعية قوتان دوليتان مؤثرتان وفاعلتان لا تستطيع إسرائيل تجاهل تأثيرهما على مصالحها كدولة.. إن أحسنا توظيف قدراتهما الدولية وإمكاناتهما، فالاتحاد الأوروبي والاتحاد الروسي شريكا الولايات المتحدة والأمم المتحدة في اللجنة الرباعية، قادران على تحقيق اختراق إيجابي لصالح السلام، إن هما مُنحا الدعم من واشنطن وسمحت الإدارة الأمريكية لهما بلعب الدور المأمول منهما، والتخلي عن احتكار حق حل القضية الفلسطينية ووقف الأساليب الأمريكية التي كانت تمارسها لتعطيل دور الرباعية، من خلال ممارسة ضغوط على الأوروبيين وغيرهم حتى على أسلوب وطرق تقديم المساعدات المالية للفلسطينيين.
في مثل هذه الظروف وتوافقا مع الرغبة في التحريك الجدي لعملية السلام في المنطقة العربية ينظر المراقبون إلى الأجواء الإيجابية التي تعيشها العلاقات الأمريكية - الروسية التي تشهد أجواء صحية من خلال مبادرات إيجابية موجهة من أوباما تجاه روسيا. ولهذا فإن الأنظار موجهة لموسكو التي ستستضيف بعد أشهر قليلة مؤتمر سلام الشرق الأوسط الذي اتفق عليه في مؤتمر أنابولس الذي تحشد روسيا كل جهودها وعلاقاتها الدبلوماسية؛ لضمان مشاركة جميع الأطراف وخاصة إسرائيل التي يقود دبلوماسيتها وزير خارجية من مواطني روسيا قبل أن يرحل إلى إسرائيل كونه يهوديا، فهذا اليهودي الروسي الإسرائيلي يعرف كيف يتعامل معه الروس وهم يعرفونه أيضاً وسيكون سهلا التفاهم بين الطرفين من خلال لغة واحدة..!!
كما أن العلاقات الروسية الجيدة مع الأطراف العربية الأخرى كالمملكة العربية السعودية ومصر وسورية وفلسطين والأردن سيعطي لكل المشتركين فرصة أكبر للتعبير عن آرائهم ومواقفهم، كما أن هناك إمكانية وجود أشخاص وأطراف كانت غائبة عن مؤتمرات أنابولس والعواصم الأوروبية كممثلي حماس وإيران وغيرها التي لا يمكن تجاهل تأثيراتها.
وهكذا فعلاقة موسكو بالأوروبيين وقبل ذلك بالأمريكيين الجيدة، وكذلك وجود صلة طيبة مع وزير خارجية إسرائيل الجديد طبعا إضافة إلى العلاقات العربية - الروسية التقليدية ستجعل من مؤتمر موسكو القادم فرصة جيدة لتعزيز حظوظ السلام إن أحسن استغلالها.
jaser@al-jazirah.com.sa