Al Jazirah NewsPaper Saturday  16/05/2009 G Issue 13379
السبت 21 جمادى الأول 1430   العدد  13379
أسئلة في غياب مؤسسات المجتمع المدني
محمد المنصور الشقحاء

 

الحديث عن مؤسسات المجتمع المدني يحتاج إلى تعمق في استشكاف هدف هذه المؤسسات وهل هي خدمية مقصدها الربحية والخصوصية أم نابعة من حاجات الإنسان.

يقال: تتزايد حاجة المجتمعات الإنسانية لمؤسسات خدمية لا هي مؤسسات دولة ولا هي مؤسسات قطاع خاص والمنظمات غير الحكومية تحقق المصلحة المعنوية والمادية لمنسوبيها مع تعامل حذر من أجهزة الدولة لحفظ حقوق الأعضاء.

وجمعيات المجتمع المدني (النفع العام) تتوزع أهدافها وفق نظام كل مؤسسة ومطالب الأعضاء، وفي المملكة العربية السعودية ومنذ نصف قرن انبثقت مؤسسات المجتمع المدني من خلال جمعيات البر الخيرية وهدفها مساعدة الفقراء والمساكين ومد يد العون للمحتاجين وهي تكتل الموسرين في المدن وجمع تبرعاتهم في صندوق يشرف عليه مجلس إدارة منتخب من المساهمين لدراسة حال المعوزين وتقدير دعمهم المادي.

ثم تشكلت الجمعيات النسائية الخيرية، وهنا تطور الدور الخدمي الداعم إلى المساهمة في محو أمية المرأة وتأهلها المهني وتطوير دورها التربوي لتكون شريكاً في البناء وهذه الجمعيات تكتل نسائي فضل العمل الجماعي موظفاً الإمكانات الخاصة اقتصادياً وعلمياً في تأسيس الجمعية النسائية الخيرية وفتح باب المساهمة وتقبل الدعم وفق برنامج خاص يرعاه مجلس إدارة منتخب من العضوات ويناقش تنفيذه للبرنامج في الجمعية العمومية كل عام.

ثم توالت الجمعيات تعاونية ومتخصصة وناشطة في مجال معين أينما توقف زخمها الفاعل من خلال القيود والرقابة والحكومية فتحول القصد من خدمي عام إلى تنافس إعلامي كوجاهة اجتماعية فنجد الرئيس الشرفي والرئيس الفخري والداعم الذهبي ومسميات سلطانية تخرج هذه المؤسسات من دورها المدني المساهم في رفاه المجتمع إلى أبواب نازفة للهدف الإنساني منصبة في خلق اسم وتتويجه في الوجدان وإن كان مجرد وسيط لتوالي أفراد غير مؤهلين إنسانياً لتنفيذ برنامج هذه الجمعية وتلك المؤسسة.

الجانب السلبي اليوم تجاوز الهمس في حقيقة مؤسسات المجتمع المدني (النفع العام) من خلال التزايد الوجاهي وأنشطتها الوهمية فقد تحول قطاع مهم منها إلى التوعية الدعوية وفق منشورات ومطبوعات باذخة، على حساب الدور الخدمي الداعم بوعي حاجة المجتمع ومساندة الناس في التغلب على العسر وتنمية قدراتهم وحمايتهم معنوياً ومادياً من الوصول إلى نقطة الإحباط.

المتابع يلاحظ فقر هذه الجمعيات الخيرية والتعاونية والمتخصصة بسبب تقلص برامج فقه العمل الجماعي المؤسساتي، الذي معه يعرف كل مساهم دوره وأثره في تطوير عمل الجمعية وهذا تسبب في إحجام البعض عن مواصلة الدعم المالي كرسم اشتراك ومعونة تميز بها بشكل سري من أجل فعل إيجابي تنفذه الجمعية وتجاوز الأجهزة الحكومية المراقبة الواجب القانوني والتدخل السري في المنشط وزرع الخلاف بين الأعضاء عند تشكيل مجلس الإدارة مما يمنح هذه الأجهزة الحكومية تعيين مجلس إدارة مكلف معه تفقد الجمعية أهدافها المتعلقة بالأعضاء ودورها في المجتمع وتبقى كما خيال المأتم شبح وهمي مستفيداً من الترخيص الحكومي بينما المتبع عند فشل الأعضاء في الاتفاق تحل الجمعية وتوزع أملاكها على الأعضاء الأحياء بالتساوي نقداً بعد بيع أصولها.

هنا هل نعي دور مؤسسات المجتمع المدني القائمة على وعي جماعة هدفها تطوير قدراتها وخلق تنافس إيجابي من أجل مستقبل واعد وكيف نحلل هذا التقاطع الرهيب بين القانون المشروع والعمل التنفيذي الرقابي والمؤثر الذي معه تفقد المؤسسة الأهلية دورها المدني كنفع عام إلى دائرة حكومية تعتمد على إعانة الدولة ودعم فرد يتسلم دفة التوجيه وتحويل الجمعية إلى تحقيق أهدافه الخاصة أولا وخلق صلة بين المستفيدين وتأثيره معها تفقد الجمعية اسمها وتتحدث عن الشخصية الوهمية التي يتحدث بحمده المدير التنفيذي وكادر الموظفين.

وعوداً على بدء، هل فقدنا وعينا بأهمية العمل الجماعي وعدنا إلى برنامج القطيع الذي لا يتكلم وإن ناقش يقول ما يملى عليه؛ فمن النقد مخلص وبناء. ومنه متحيز وهدام ولم يسلم النزيه من العنت، الإنسان تكتمل إنسانيته عندما يفكر في استقبال ويبحث في طلاقة؛ بحرية الفكر والإرادة يبحث ويلاحظ ويحلل، فالقيم الإنسانية واضحة المعالم ولكن فقدنا التوازن الضروري لمجتمع حي متحرك يقوم على أفراده.

وهذا من حرية الرأي والتعبير عنه بالوسائل السلمية قول وفعل وفق مكارم الأخلاق لصالح المجتمع وخير أفراده متمتعا بما تمنحه الأنظمة من حقوق وتفرضه عليه كواجبات وطنية؛ التي معها تكون السعادة التي أراها عبر التأمل النظري والفعل المشارك الذي لا ينتظر الربح ومعه تتطهر النفس وتسمو بصاحبها إلى الكمال.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد