Al Jazirah NewsPaper Saturday  16/05/2009 G Issue 13379
السبت 21 جمادى الأول 1430   العدد  13379
ذوو الصنايع السبع والمواطن
د. عبدالله بن سعد العبيد

 

يبحث موظفو البلديات هنا وهناك بشكل مستمر عن الباعة المتجولين وغالباً ما نراهم عند إشارات المرور والتقاطعات ونواصي الشوارع التي تشهد حركة مرورية كثيفة حيث يصطف عدد من أولئك المتجولين يسترزقون الله ببضاعتهم التي غالباً ما تكون منتجات زراعية أو فقع أو سلع موسمية محددة.

وقد انتشرت هذه الظاهرة مؤخراً بشكل كبير وبدأنا نشاهد أولئك الباعة حتى عند أبواب المساجد في الصلوات العادية أو الجمع. وما يلفت النظر أن جُل أولئك الباعة من الشباب السعودي الذي أوجد لنفسه مخرجاً ربما من ضيق ذات البين عبر شراء منتجات زراعية من مناطق بعيدة وبيعها على الناس بالقرب من منازلهم مقابل فارق يسير بالسعر.

وأنا هنا أشرح حالة هؤلاء من خلال رواية أحدهم الذي بدا سعيداً بما يقوم به لسد حاجاته وحاجات عائلته من المال دون أن يمد يده طالباً المساعدة من أحد، واكتفيت بطلبي منه أن يشرح خطوات تجارته تلك دون أن أسأله بالطبع والحال كهذه عن عدم قيامه باستئجار مكان يكفل له على الأقل حدود دنيا من الأمان والاستقرار. فعجبت حقيقةً لنشاط ذلك الفتى الذي يذهب لسوق الخضار قبل الفجر ويشتري بضاعته ويعود بها قبل الشروق لمكان بيعها، وقد كان سعيداً جداً بشرحه ذلك ولم يخفِ قلقه المستمر من مفتشي البلدية وخوفه منهم لمصادرة بضاعته التي يعتاش وعائلته من المتاجرة بها.

أنا لا أحاول مطلقاً - وإن كنت أتمنى - أن أناشد المسؤولين عن غض الطرف عن الباعة المتجولين وأتفهم جيداً أسباب منعهم، بل وملاحقتهم أينما ذهبوا، ولكنني أتعجب حقيقةً من الكيل بمكيالين، فعدد العمال المتجولين ذوي الصنايع السبع في تزايد واضح ومنظرهم مقزز للنظر وفي أحيان كثيرة يقشعر له البدن، فتراهم يتجمعون دون مبالاة في كل زاوية وعند كل إشارة مرور ويتراكضون لأي سيارة يقف بها صاحبها باحثاً عن عامل حتى تغيب الشمس تاركين خلفهم الكثير من القاذورات والمخلفات فضلاً عن إزعاجهم للمحال التجارية وقاطني تلك المناطق.

كيف للبلدية أن تسمح لهؤلاء ولمن يكفلهم وتمنع شباب البلد من ممارسة التجارة وامتهانها؟

لماذا لا تلاحق البلدية إن هي استمرت بملاحقة أولئك الشباب لمنعهم بيع بضاعتهم، أقول: لماذا لا تلاحق أولئك العمال أيضاً بل وتلاحق من يكفلهم ويتركهم يسرحون ويمرحون في الطرقات والشوارع.

الموضوع له عدد من الأبعاد ويجب دراسته ومناقشته، لكن ما يهمني الآن هو ذلك الشاب الفتي الذي آبى أن يطلب مساعدة الآخرين وآثر على نفسه هجر مقعد الدراسة لإعالة أسرته وبتلك الطريقة. فمن يا ترى أحق بالتشجيع والمساعدة هو أم ذلك الكفيل الذي ترك عمالته تسرح وتمرح دون رادع؟



dr.aobaid@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد