في وقت يعج بالماديات وتغشاه غيوم المصالح كنا نسمع عن عادات الأجداد الأصيلة وخصالهم الحميدة من التدين والكرم والسخاء والطيبة وقوة الشخصية وحلو المنطق والتواصل والتآلف وحسن التربية، نسمع عن ذلك كله وهو في زمننا كالأحلام والأساطير حتى حبانا الله بشخصٍ أصبح صورة حية وشاهد إثبات على ما سمعناه، رجل تمسك بما رباه عليه أبوه ومجتمعه الذي عاش فيه لم يتزعزع عنه قيد أنملة مع تغير الأزمان وتحول الأشخاص، ظل ثابتاً على المبادئ والقيم حتى قيل عنه (إنه رجل عاش في غير زمانه)، التزم بعادات الآباء والأجداد أشدَّ الالتزام وأكثر ما كان يميزه خصلتان:
الأولى الكرم مع قلة اليد وما أصدق ذاك الكرام، والأخرى حرصه الدؤوب على مشاركة الآخرين على حد سواء دون تفرقة في أفراحهم وأتراحهم مع ما يسببه له ذلك من مشقة وما يعانيه من مرض، وفجأة رحل هذا الرجل منتقلاً إلى جوار ربه بعد أن تمّ الأجل، ولا يعني ثناؤنا عليه الآن جرياً على العادة في التأبين بل هو كلمة حق وقول عدل نُشهد الله على ذلك وهو خير الشاهدين ثم نُشهد خلقه وهم شهداؤه في أرضه. ولسان حالنا ونحن نقبل جبينه وجسده الطاهر ممدداً على عتبة مغسلة الموتى كأننا نقبل تراث الأجداد الأصيل ونحن نهل التراب عليه كأننا نهل التراب على الماضي الجميل، وفي البقية الباقية خير إن شاء الله.
وأيم الله لقد فقدنا الوالد المربي والأب الحنون العم إبراهيم بن علي، رحمك الله أبا صالح وأسكنك الفردوس الأعلى من جنته وجزاك ربك الكريم الرحيم خير الجزاء على تربيتك إيانا وتوجيهك الدائم لنا لما فيه خيرنا وصلاح أمرنا في الدنيا والآخرة، {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
- الرياض