نشرت العديد من مواقع الإنترنت على الشبكة العنكبوتية، خطبة إحدى الجمع منسوبة إلى الدكتور صفوت حجازي -والله أعلم بصحة نسبة هذا القول إليه-، وقد تضمنت معلومات تاريخية عن سبب تسمية ميقات ذو الحليفة (1) باسم: آبار علي. وأن التسمية جاءت نسبة إلى السلطان علي دينار سلطان دار فور المتوفى سنة 1335هـ، الذي قدم إلى ميقات ذو الحليفة سنة 1315هـ، فوجد حالة الميقات سيئة، فحفر الآبار للحجاج، وجدد مسجد ذي الحليفة، ولذلك سمي المكان آبار علي نسبة إلى علي بن دينار.
ورغم أن تسمية ميقات ذو الحليفة باسم: آبار علي ونسبة تلك التسمية إلى السلطان علي بن دينار، هو خطأ تاريخي، غير أن بعض الكتاب في بعض المواقع الإلكترونية قاموا بنقل ونشر تلك المعلومة الخاطئة على أنها معلومة حقيقية مسلم بها، لا تقبل التحقيق أو التدقيق في صحتها، دون أن يكلف أحدهم مناقشة سبب تلك التسمية، أو زمن ظهورها.
وبمناقشة صحة سبب تسمية ميقات ذو الحليفة باسم: آبار علي نسبة إلى السلطان علي بن دينار المولود سنة 1275هـ تقريباً، والمتوفى سنة 1315هـ، على عدد من المصادر التاريخية، وكتب الرحلات، وجدت عدم صحة هذه التسمية المنسوبة إلى السلطان علي بن دينار.
قال جمال الدين المطري (1) المتوفى سنة 741هـ، حيث قال ما نصَّه:
(ثم يأتي على غربي جبل عير، ويصل إلى بئر علي ذي الحليفة محرم الحاج (2).
وقال الجزيري (3) الذي كان على قيد الحياة سنة 977هـ، ما نصَّه:
(ثم يرحل إلى ذي الحليفة، ويسميه الحاج بئر علي، وهو ميقات الحج الشامي، ومن مرّ على المدينة، وهو على مرحلة منها، وبه آبار كثيرة بإزاء وادي العقيق، ومنه يحرم الحاج ويهلُّون بالتلبية (4).
وقال المكناسي (5) المتوفى سنة 1213هـ، ما نصَّه:
(فسرنا ساعتين، ووصلنا ذا الحليفة، ويسمى اليوم ببيار علي لأن هناك آبار كثيرة، فنزل الناس هناك، وابتنوا الخيام، واستقى الناس الماء (6).
ومن خلال النصوص السابقة نجد عدم صحة تسمية ذي الحليفة باسم: آبار علي نسبة إلى السلطان علي بن دينار المولود سنة 1275هـ تقريباً، ذلك أن التسمية كانت معروفة قبل مولد السلطان علي بن دينار، ذلك أن تسمية ذي الحليفة باسم: آبار علي كانت معروفة قبل مولد السلطان علي بن دينار.
والله سبحانه وتعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الهوامش والتعليقات الجانبية:
(1) ذو الحليفة: قرية بظاهر المدينة على طريق مكة، بينها وبين المدينة تسعة أكيال، تقع بوادي العقيق عند سفح جبل عير الغربي، ومنها تخرج في البيداء تجاه مكة، وتعرف اليوم ببيار علي، وهي ميقات أهل المدينة ومن مرّ بها، ومسجد الشجرة بها معروف إلى الآن، بها مدارس ومساجد، ومقاهٍ كثيرة. (عاتق بن غيث البلادي: معجم معالم الحجاز، دار مكة للنشر والتوزيع مكة المكرمة، الطبعة الأولى، 1400هـ - 1980م، ج4، ص ص 48-49).
(2) المطري: هو محمد بن أحمد بن محمد بن خلف الخزرجي، الأنصاري، السعدي، المدني، أبو عبدالله، جمال الدين، نسبته إلى المطرية بمصر. ولد في المدينة المنورة سنة 671هـ. فاضل، عارف بالحديث، والفقه، والتاريخ، ولي نيابة القضاء بالمدينة المنورة. توفي بالمدينة المنورة سنة 741هـ. (خير الدين الزركلي: الإعلام، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الرابعة عشر، 1999م، ج5، ص ص 325-326).
(3) جمال الدين محمد بن أحمد المطري: التعريف بما أنست الهجرة من معالم دار الهجرة، تحقيق أ.د. سليمان الرحيلي، دارة الملك عبد العزيز، الرياض، د.ط، 1426هـ - 2005م، ص 167
(4) الجزيري: هو عبدالقادر بن محمد بن عبدالقادر الأنصاري الجزيري الحنبلي. ولد سنة 880هـ، باحث حنبلي مصري، له من المصنفات: (درر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة)، (خلاصة الذهب في فضل العرب)، وغير ذلك. توفي نحو سنة 977هـ. (الزركلي: الإعلام، ج4، ص 44).
(5) عبدالقادر بن محمد بن عبدالقادر الأنصاري الجزيري الحنبلي: الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة، تحقيق محمد حسن محمد حسن إسماعيل، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1422هـ-1922م، ج2، ص 65.
(6) المكناسي: هو أبو عبدالله محمد بن عبدالوهاب بن عثمان، وزير رحالة من الكتاب البلغاء، من أهل مكناسة، استخدمه محمد بن عبدالله في بعض الأعمال، ثم جعله وزيراً وانتدبه لكثير من المهمات وعقد المعاهدات، فكان سفيره في إسبانيا، ثم في مالطا ونابولي والآستانة، وسفيره إلى امبراطور النمسا، توفي في مراكش سنة 1213هـ. له من المصنفات: (الإكسير)، (إحراز المعلى والرقيب)، وغير ذلك. (الزركلي: الإعلام، ج6، ص ص 257-258).
(7) محمد بن عبدالوهاب المكناسي: رحلة المكناسي: إحراز المعلى والرقيب في حج بيت الله الحرام وزيارة القدس الشريف والخليل والتبرك بقبر الحبيب، حققها وقدم بها محمد بو كبوط، دار السويدي للنشر والتوزيع، أبو ظبي، الطبعة الأولى، 2003، ص 261.
باحث تاريخي
محمد بن حميد الجحدلي الحربي
ص. ب (105107) - المدينة المنورة (41321)
بريد إلكتروني: maljahdali@hotmail.com