بعد أن انتهت الانتخابات الرئاسية الأمريكية بفوز باراك أوباما، تتجه أنظار العالم إلى حدث آخر بالغ الأهمية ويقع في الولايات المتحدة الأمريكية أيضا، وهو المتمثل في عقد قمة العشرين في منتصف الشهر الجاري لمعالجة الأزمة المالية العالمية الراهنة. ولعل الحدث الأول يصب في صالح الحدث الثاني كون أوباما أكثر انفتاحا تجاه فكرة اعتماد ضوابط أشد إحكاما لمراقبة الأسواق المالية من الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن الذي كان أصلا مترددا في قبول فكرة عقد قمة لمناقشة الأزمة!، وظل يحذر من أي إصلاح يهدد ما سماه (حسن سير الرأسمالية الديمقراطية)!.
والمملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وبحكم ثقلها الاقتصادي الأكبر عالميا، ستشارك في هذه القمة برؤية واضحة لمعالجة جذور الأزمة المالية العالمية الحالية، وتأكيدها ضرورة مراجعة أسلوب المراقبة على المصارف الدولية وكذلك أسلوب عمل وهيكليات المؤسسات المالية العالمية بما يعكس واقع الاقتصاد العالمي الآن.
فالمراقبة على النظامين المالي والنقدي العالميين وتطبيق سياسة الشفافية سيعملان على كبح الانفلات في الأسواق بحجة القاعدة الرأسمالية القديمة (دعه يعمل.. دعه يمر)، والقاعدة الأخرى التي تقول: (إن الأسواق تصحح نفسها بنفسها)، عبر ما سماه المفكر الاقتصادي الشهير آدم سميث (اليد الخفية). فلقد أثبتت هذه القواعد أن غياب المراقبة الرسمية لعمل الأنظمة المالية سيعمل على انتشار الفساد المالي، والوقوع في المغامرات المالية غير المحسوبة، وضياع حقوق أصحاب الأموال من الحكومات والمؤسسات والأفراد.
وبالتالي، فإنه لا يكفي أن توضع الحلول السريعة، وما يمكن تسميتها خطة طوارئ لمعالجة الأزمة، وإنقاذ المؤسسات المالية عبر ضخ الأموال، وهي التي تؤكد عليها إدارة بوش ما لم تكن هناك مراجعة شاملة لكل الأنظمة والقوانين السارية في النظام المالي العالمي، ومعرفة مكامن الخلل التي أدت إلى الأزمة المالية العالمية الحالية، وذلك للحيلولة مستقبلا من تكرارها. ولعل هذا الموقف يشكل تقاطعا مشتركا بين الدول الناشئة المشاركة في قمة العشرين والدول الأوروبية، وهو ما سيدعم هذه الرؤية في القمة، وبالتالي التوصل إلى توصيات ملزمة بهذا الشأن.