في مجلس عائلي كبير تحدث أحد أفراد مجلس هذه العائلة أمام أقاربه عن أهمية دعم صندوق الأسرة للجيل القائم والجيل القادم من عائلتهم، وقد ركز هذا المتحدث (وهو معذور) في خطابه على الموسرين والأغنياء من الأسرة لأنهم هم الأقدر على التفاعل وخدمة هذا الموضوع، وما أنهى المتحدث حديثه حتى سمع عبارات الثناء والتبريك من الحضور والدعاء بالتوفيق.
ووسط هذه المشاعر الصادقة أتى أحدهم من الصف الخلفي وجلس جلسة عربية (تربع!) على الأرض أمام المتحدث وسأله العديد من الأسئلة عن هذه المساهمات وإلى أين تصير وكيف يتم استثمارها، والعديد من الأسئلة المقبولة، وكثير منها أسئلة افتراضية يستبعد وقوع ما جاء في أسئلته.
سيزيد تقديري لهذا السائل لو كان سيساهم أو يتفاعل مع الصندوق الأسري بل هو كما يشهد حاله ومقاله من (ذوي الدخل المحدود)!! يعن أشغل المتحدث والجميع بجدليات وافتراضيات يستبعد وقوعها.
وقبل أكثر من أربع سنوات وفي صالون أدبي تقدم إليّ شاب يذكر أنه سيكتب مقالاً تاريخياً لصفحة الوراق، لكن(!!) إذا كتب هذا المقال كيف يوصله إليّ؟! وهو يسأل بجد وحماسه كأن القضية الكبرى ليست كتابة المقال وصلاحيته للنشر بل القضية الحاسمة كيف يوصل المقال إلى المحرر أو الصحيفة.
شرحت له طرق الوصول إلى الصحيفة، وحتى تاريخ نشر هذا المقال، لم يرسل إليّ ما كتبه، مع أنه من سكان الرياض وقابلته بعد هذه المقابلة العديد من المرات.
سقت لكم هذين المثالين أعزائي القراء طالباً الرأي ومثيراً لقضية مهمة، وهي أن يتصدى للعمل في جانب يمس الناس بمختلف شرائحهم لابد أن تمر به هذه العينة من الناس التي تقترح وتتحدث وتطيل الحديث وتكثر المقترحات لكن كل ما لديهم لا يقدم بل يؤخر، بدون شك أن الذوق والخلق يقتضيان سماع كل وجهة نظر وإعطاء الناس حقهم في الحديث والتعبير.
لكننا أمام فئة تقترح أو تتحدث لتسجل حضوراً أو تلفت الانتباه إليها بأنها قادرة. لو بلي أحدكم بمثل هؤلاء الذين يقترحون ويبدون الرأي في مشروعات ناجحة وقائمة ويشكلون صداعاً لك هل تلتفت إليهم؟.. أم أن لك مقاييس معينة في من تستمع له؟.
ألا ترون هؤلاء الأشخاص في كل مناسبة ثقافية أو اجتماعية، وهم أكثر من يطل الحديث والاقتراحات.
طبعاً هذه القضية ليست شخصية لكاتب هذه الأسطر بقدر ما أنها معاناة لكثير ممن يتصدون لقضايا عامة من خلال عملهم.
فاكس: 2092858
tyty88@gawab.com