كلنا نتذكر بإجلال كبير وتقدير أكبر تلك الزيارة الميمونة التي قام بها خادم الحرمين مليكنا المفدى حفظه الله إلى بيوت أبنائه الفقراء في العاصمة الرياض، والكل يذكر موقفه الإنساني النبيل بتوجيهه السامي لإنشاء صندوق خاص لمكافحة الفقر ومعالجة أحوال الفقراء وبالطبع كلف يحفظه الله لجنة خاصة لإنجاز هذا المشروع الرائع وتفعيله على أرض الواقع، وبالطبع من البديهي أن تعمل تلك اللجنة على قدم وساق لإنجاز أعمال الصندوق بالسرعة الممكنة لأن (الفقر لا ينتظر في مضاعفة تأثيره على الفقير والمحتاج بل يزداد فظاعة وقسوة كلما امتد به الزمان وقد تصاحبه عوامل بشعة في حالة استمراره كالمرض وتشويه القيم واهتزاز الأخلاق والاتجار بالمحظورات (لسد الحاجة) والانحرافات الاجتماعية التي تتوالد في إطاره الكريه).
إلا أن تلك اللجنة لم نسمع عن أعمالها أو منجزاتها شيئاً طوال السنوات المنصرمة، ومنذ بدء ذلك التوجيه الملكي الكريم وحتى يومنا هذا - عفواً، لقد سمعنا مرة واحدة أن تلك اللجنة انبثقت عنها لجان وعن اللجان انبثقت لجان للدراسات والتحليلات والتعليلات وذلك (لمقارنة) أحوال الفقراء في عدة بلدان عربية وغير عربية بأحوال فقراء الوطن (!!) ثم لم نعد نسمع شيئاً عن نتائج تلك الدراسات وأكداس أوراقها الهائلة.
* * *
وبالأمس فقط وتحديداً في يوم الأحد الماضي أعلن مسؤول كبير في الزميلة الشرق الأوسط له علاقة بالصندوق عن وجود فكرة لإخضاع (الصندوق الخيري الوطني) - هكذا اسمه الجديد أو هو بالأحرى وكما قال المسؤول إحدى أذرعة مكافحة الفقر- لمراجعة شاملة أي مراجعة كل ما فعلته اللجان طوال الأعوام المنصرمة وذلك لأن (صندوق معالجة الفقر) صار له (أذرعة!!) منها الصندوق الخيري لمساندة الصندوق الأول كما فهمنا وذلك حسب المسؤول بسبب الدعم المالي الكبير للصندوق (!!) وهذا شيء مفرح ولكن أين صندوق الفقر أولاً حتى نفرح بالدعم الكبير للصندوق الخيري، وكذلك صرح المسؤول أن الصندوق سينطلق بعد أشهر بثوب جديد تحت (دلوني على السوق) وهذا برأينا أمر لا بأس به قياساً على القول العربي (خذ فأساً واحتطب) أو بالإنجليزي الفصيح (لا تمنحه سمكة بل علّمه كيف يصطاد الأسماك). ومن هنا دعونا نسأل: ماذا كان يعمل الصندوق كل تلك الأعوام المنصرمة؟ كما أن السؤال الآخر الذي بودنا أن نطرحه على أسماع القائمين على الصندوق هو: هل خلت المملكة بطولها وعرضها من المراقبين السعوديين الثقاة القادرين على المراقبة لتلجأ اللجان القائمة على هذا الصندوق لتعيين مراقب (خارجي!!) له كما ذكرت الزميلة الشرق الأوسط بالأمس من مصادرها الخاصة؟ ثم يبقى السؤال الأهم الذي يدور في أذهان الفقراء المعنيين بالأمر والموجه إلى تلك اللجان: ماذا ستقدمون لنا غير أكداس ورق تلك الدراسات مع أنكم تعلمون أن الفقراء لا يأكلون الورق؟!