تلقيت قبل شهر رمضان المبارك اتصالاً كريماً (غير مباشر) من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة الرياض، عن طريق مكتبه الخاص الذي نقل لي وجهة نظر سموه الكريم،
المطابقة لما كتبت على ضفاف (الجزيرة) حول الحضارة الإسلامية في الأندلس. هذا الاتصال الكريم الذي أعتز به، كونه جاء من شخصية (غير عادية) في سمو مكانته الأميرية، ورفعته الثقافية العالية، ودوره الإنساني الجليّ في الواقع السعودي، جعلني أعيد التأمل في مسألة العلاقة التاريخية بين (السلطة والمثقف) التي طالما تحدث عنها الإعلاميون وكتب بشأنها المثقفون، فهذه العلاقة في كل أنحاء الدنيا غالباً ما تكون بين مدّ الوفاق أو انحسار الفراق حسب ظروف كل بلد واستقراره وطبيعة نظامه السياسي، كونها المعيار الفكري والقناة الفاعلة التي تحكم منظومة القيم الاجتماعية، وتشيع الأفكار العصرية، وتحقق المبادئ الحضارية، ثم تترجمها إلى واقع حيّ على مستوى المجتمع والدولة بشكلٍ عام، لأن رقي الأمم وتحضرها، أو مستوى نهضة الدول وتقدمها يقاس بحجم هذه العلاقة من حيث مساحة (الإيجابيات) المتصاعدة والمتعددة بين الطرفين، لذا ف(المثقف السعودي) سواء كان كاتباً أو مفكراً أو شاعراً أو من في حكمهم يُدرك تأثير السلطة ودورها المحوري والرئيس في مجمل الحياة، بحكم موقعها في هرمية الدولة ونفوذها الواسع على طبقات المجتمع وبين فئاته، التي قد تتنوع اليوم في (إمارة) أو (وزارة) أو (رئاسة)، في المقابل يُدرك رجل السلطة أن (النخبة المثقفة) هي من أدوات التغيير الحقيقي بالنسبة للإنسان والمكان معاً، لهذا فالحاجة قائمة لهذه النخبة في إحداث هذا التغيير لأنها تملك آليات (الخطاب الحضاري) وتفعيله بين الناس، الذي يعزز الوعي الجماهيري ويصوغ الفكر البشري ويثير الرغبة الإنسانية نحو التطور والمدنية، في ذات الوقت فإن النخبة لا تملك وسائل الوصول للعمق الاجتماعي لكي تتمدد خلاله، ومن ثم القدرة على التأثير الفعلي فيه، إلا ب(مساحات حرية) تفتح آفاقها السلطة النافذة وتدعمها بقرارات رسمية واضحة وبمسؤوليات محددة. إذاً من الخير لبلادنا العزيزة التي تتطلع دوماً لمستقبل أرحب من الازدهار التنموي والرقي الحضاري في ظل قيادة رشيدة، أن تتشكل العلاقة بين السلطة والمثقف على تفاهم كامل بين الطرفين، حتى تتحول هذه العلاقة بينهما من (التباين) المُعطِل لخطط التنمية وبرامجها الحضارية، إلى (التكامل) المثمر الذي يصنع (مثقف واعٍ) في رعاية (إمارة حكيمة) للمساهمة في بناء (حضارة سعودية عظيمة)، لأجل ذلك لا أخفي سعادتي بأي اتصال من أميرنا المحبوب سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- سواءً كان إشادة أو ملاحظة أو توجيهاً أو نقداً، لأن هذا (التواصل) الكريم، هو صمام الأمان لفكر المثقف، ودم الحياة لعطائه الثقافي بما يخدم بلده، كما أنه يعكس خصوصية العلاقة المتميزة بين الحاكم والمحكوم التي تتمتع بها بلادنا العزيزة، بين المثقف السعودي والسلطة الحكيمة، بين كاتب (الجزيرة) و(ابن صقر الجزيرة)، بين قلم سعودي وأمير محبوب هو صديق الصحافيين وناقد الكتاب، فكل الحب والود والاعتزاز بأبي فهد حفظه الله لنا وللرياض، ولهذه البلاد الغالية في وجدان كل مسلم.
Kanaan999@hotmail.com