فقدت القضية الفلسطينية كماً هائلاً من رصيدها لدى الجماهير العربية والمدافعين عنها في الدوائر السياسية الدولية بسبب استمرار تناحر الفصائل الفلسطينية الذي أدخل القضية في نفق لا يعمل أحد أين ينتهي.
وبدلاً من أن تعمل الدول والقوى المؤيدة للفلسطينيين على التعجيل بإنهاء الاحتلال وتحقيق الحلم الفلسطيني بإعادة الأرض وإقامة الدولة الفلسطينية، انشغلوا بإعادة الوئام بين الفصائل الفلسطينية ووقف الاقتتال والتناحر من خلال تشجيع الحوار والمفاوضات.
وهكذا أصبح العرب والفلسطينيون منشغلين بالحوار والتفاوض فيما بينهم بدلاً من أن يرصوا صفوفهم ويصوغوا مواقفهم في موقف واحد يواجهون به عدوهم بدلاً من الركض خلف جهات لا تسعى إلا لتحقيق مصالحها وأهدافها.
كثيرة هي المحاولات التي بذلتها الدول العربية لإصلاح ذات البين بين الإخوة الفلسطينيين، فللمملكة جهد وافر ومتواصل ولمصر جهد آخر متواصل هو الآخر وتشهد هذه الأيام القاهرة اتصالات في هذا الشأن، ولليمن جهد آخر، إلا أنه وللأسف الشديد لم تحقق هذه الجهود شيئاً سوى إبرام اتفاقات وتفاهمات تسقط عند أول مواجهة أو اختلاف ويتبرأ من نصوصها من وقعوها وأقسموا على الالتزام بها في أقدس الأماكن كما حدث في اتفاق مكة المكرمة، ونكثوا عهدهم الذي أعطوه لقادة الدول العربية، كاتفاق القاهرة واتفاق صنعاء.
إن هذا الوضع الخطير الذي تعيشه العلاقات الفلسطينية - الفلسطينية ما هو إلا انعكاس لواقع العلاقات العربية - العربية التي تعاني من اختراق خطير لقوى دولية وإقليمية عملت وسعت إلى بث الفرقة والخلافات بين العرب، والفلسطينيون هم الجهة الأكثر اختراقاً لتحقيق أهداف هذه القوى وبسط نفوذها وهيمنتها وخدمة مصالحها على حساب العروبة والعرب وقضيتهم المركزية، القضية الفلسطينية.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244