تقلبات حادة يعيشها السوق المالي السعودي منذ أشهر إلا أن ما حدث خلال الأسبوعين الأخيرين أوصل المتداولين إلى حالة من عدم الاستقرار وفقدان الثقة فانخفاض بأكثر من 600 نقطة ثم ارتفاع بقرابة 400 نقطة بيوم آخر كلها براهين تستدعي تحركا على مستوى الصناديق والمؤسسات الحكومية اكبر المستثمرين بالسوق للمساعدة على ضبط إيقاع السوق ومنع هذه التقلبات التي تحدث بشكل كبير جدا فقد بلغت نسبة التذبذب بأداء المؤشر بالفترة القصيرة الماضية قرابة 15 بالمائة بينما تباين حجم السيولة بشكل اكثر حدية حيث ارتفعت بأكثر من 100 بالمائة من يوم السبت بعد إعلان تداول عن موعد تطبيق وحدة التغير السعري الجديدة.
فقبل أيام عندما تعرض سوق مسقط لهبوط حاد طالب المسؤولون عن القطاع المالي صناديق التقاعد بالشراء لإعادة الثقة للسوق ومنعه من الانزلاق الحاد وإيقاف تدهوره, والسوق السعودية بالرغم من تدني مستوى الأسعار وانخفاض مكررات الربحية والإغراء الكبير الذي تمثله تقييمات الأسعار إلا انه ما زال يتقلب بشكل حاد ولا كأن الهدف هو إرغام صغار المتداولين الابتعاد عن السوق والبيع قسرا من خلال الضغط على نفسيات المتداولين بشكل غير منطقي ومن المعروف في لغة الأسواق أن مثل هذه التقلبات الحادة التي تأتي في مستويات متدنية لأسعار السوق ويتم تفسير أي خبر أو تنظيم يصدر على انه يحمل سلبية اكثر للسوق يكون الهدف منها نسف الثقة من السوق إنما تسبق دائما تحولات إيجابية باتجاهات السوق ولا يشعر المتداول بذلك إلا بعد أن ترتفع الأسعار بشكل تدريجي ولا يجرؤ على الدخول إلا في مراحل متأخرة تكون فائدته قد تدنت جدا وغالبا في مراحل الارتفاع الأخيرة للأسعار.
إن أفضل فترات الشراء بالأسواق هي التي تطغى عليها التقلبات السلبية وتكون النظرة التشاؤمية هي سيدة الموقف ويشعر الكثير من المتداولين برغبة كبيرة لتصفية مراكزهم وينتابهم شعور أن السوق لن تقوم له قائمة وأن الأسعار إلى مزيد من التراجع فإذا كانت الشريحة الأكبر من المتداولين تبيع فمن الذي يشتري منهم وإذا كان العموم يتمنون الشراء بأسعار اليوم عندما كانت أعلى بكثير فما الذي يجعلهم يعزفون عن الشراء أو حتى الإبقاء على مراكزهم بل نجد اغلبهم يفضل الزهد بالسوق والخروج راحة لنفسه من هذا الترهيب الذي يشعر أن لا نهاية له.
إننا اليوم بحاجة إلى دعم السوق بصناع حقيقيين من صناديق ومؤسسات رسمية ومسألة حرية الأسواق لا تعني عدم التدخل لضبط حركتها ومنع العبث بأموال ومدخرات الناس من قبل أفراد همهم الكسب فقط ونحن كسوق ناشئ لا يجب أن نضع أنفسنا في مستوى الأسواق المتقدمة والناضجة ونترك السوق يتحرك بهذه الطريقة العشوائية فالنظرة الاستثمارية قاصرة لدى عموم المتداولين ونعلم أن الاستثمار هو الراحة الحقيقية لهم ولكن قلة الصبر والتأثر الشديد وعدم وجود تقارير تدعم الجانب الاستثماري كلها عوامل تؤثر على المتداولين وبالتالي لا بد من تحرك مالي رسمي قوي يضبط السوق وهاهي أمريكا أكبر اقتصادي عالمي والأكثر انفتاحا تتدخل بتأميم اكبر شركتي رهن عقاريتين لمتع تدهور الأسواق فمتى سنرى تحركا يوقف هذه المهازل ويعطي السوق الاستقرار.