عندما يذهب الشهداء إلى النوم أصحو، وأحرسهم من هواة الرثاء.
أقول لهم: تصبحون على وطنٍ من سحابٍ ومن شجرٍ ومن سرابٍ وماء. أهنئهم بالسلامة من حادث المستحيل ومن قيمة المذبح الفائضة، واسرق وقتاً لكي يسرقوني من الوقت
هل كلنا شهداء؟).
شهداء غزة يرتقون ولا يسقطون,
إنهم.. اليقين.. الذي لا شك فيه
وهم..اختصار الكلام وسادة الحياة الأبدية
هم..نصاعة المرمر ومسك الغزال
وهم ثبات يومنا وراهن حياتنا
فكيف أحدث عن الفارق بين الكتابة والدم
بين الحضور وبين الغياب
بين محراب الشهادة ووهن الطغاة
فمزقوا الآن ما استطعتم من المراثي
وخطابات التعزية..
وتعالوا لنصغي قليلاً إلى هدأة القلب
بارتقاء.. الروح..
إنهم يضخون الحياة في قلوب.. الملايين..
يتلون علينا بياض الشهادة، طهر المكان، قداسة الساعة وثبات الحقيقة,..
ليكسروا حياد الشاشة.. السوداء
بدم لا يشبه جرح أطفالنا..
ولا يقيل عثرة خطواتنا,
فنحن متفرجو القرن النازي اعتدنا تعصيب أعيننا عن رؤية ما يجرح ترفنا,
ليتبعه - صمم أحلى تجلياته.. قطع
لسان كاد - أن يصرخ - احتجاجاً
على.. أناقة المذيعة المسائية وهي تحصي.. أعداد الشهداء.. واحداً واحداً,
وتضيف.. في النشرة شهداء أكثر!!
افرحوا يا أهلي الشهداء..
وناموا قليلاً.. كي ترعبوا.. مجلس الأمن... نياشين
الجنرالات.. رصاص النابالم.. كتّاب الزوايا
صوت الإذاعات.. وفكرة المجزرة
فتدفق الدماء على أكتاف الأهلة..
لا يشبه تدفق الأساطيل على أحرف العلة
يا أصدقائي الشهداء ((اتركوا حائطاً واحداً لحبال الغسيل.. اتركوا ليلة للغناء..
أعلق أسماءكم أين شئتم وناموا على سلم الكرمة الحامضة..
لأحرس أحلامكم من خناجر حراسكم
وكونوا نشيد الذي لا نشيد له,
عندما تذهبون إلى النوم هذا المساء
أقول لكم: تصبحون على وطنٍ حمّلوه
على فرس راكضة..))
فماذا تبقى لنا من خجل،
وماذا عرفنا على عجل غير هذا السلام
الذي لا سلام فيه،
واجترار ضحكة.. راعي البقر
رقصة البليد، رماد النحاس
أصابع الاحتيال.. مطلقي.. الموت
في وجه الحقيقة، معدي برامج
التخسيس, لعبة التسيس
وهذا الفراغ المسمى ضبط النفس.
وضبط مؤشر الموت على
ضحكة الأطفال
وهذا.. الاغتيال..
وماذا تبقى من رماد المرجلة..
غير عصف المرحلة..
فيا أصدقائي الشهداء - (لن تصبحوا مثلنا
حبل مشنقة غامضة)
* المقاطع المقوسة للشاعر الكبير محمود درويش