Al Jazirah NewsPaper Sunday  27/01/2008 G Issue 12904
الأحد 19 محرم 1429   العدد  12904
المؤثرات السلبية على الفكر والسلوك
د. علي بن شايع النفيسة

السلوك ما هو إلا نتاج للفكر وانعكاس له وأي مؤثر سلبي على الفكر ينعكس على السلوك الناتج عنه وتختلف المؤثرات السلبية تبعا للقناعات والثوابت والمحيط الذي يعيشه الشخص فكلما كانت القناعات سلبية وعدوانية كان السلوك الناتج عنها معبرا عن مكنوناتها وكلما كان المحيط الذي يستقي منه الإنسان التقليد والمحاكاة ذا مؤثرات سلبية كان فكر وسلوك الإنسان وليدا لتلك الأجواء الإيحائية فالعرب تقول (الصاحب ساحب) وواقع الحال يثبت هذا فالتوافق في الفكر والسلوك هو ما يجمع ما بين المتوافقين والمتآلفين إن خيرا فخير وإن شرا فشر.

وعودا على الحديث عن القناعات والثوابت كمؤثرات على الفكر والسلوك نجد أن بعض المجتمعات قديما وحديثا تنهج بعض السلوكيات الغريبة بل والممجوجة الممقوتة نتيجة قناعات خاصة تمثل الدافع لتلك السلوكيات من ذلك مثلا ما كان يعرف في الجاهلية قبل الإسلام بوأد البنات أي بدفنهن أحياء مخافة وقوعهن في الفاحشة وبالتالي جلب العار لذوي الفتاة، المتأمل بهذا السلوك المشين الغريب يجد أن مجرد مخافة هذه النتيجة أصبح دافعا لإغفال القيمة الإنسانية للفتاة بل وتناسي العاطفة الفطرية تجاه فلذات الأكباد مما يعني أن القناعات الفكرية ذات تأثير غير محدود تجاه نوع السلوك مهما كان ذلك السلوك ومهما ترتب عليه من مآسٍ بل ونجد في هذا القرن الجديد من الشذوذ في القناعات ما ولد لنا سلوكيات أكثر شذوذا من ذلك ما يسمى بعبدة الشيطان كحقيقة غريبة في ظل الحضارة الدولية السائدة سواء منها المستقى من الديانات السماوية أو من الحقائق العلمية المختلفة إلا أن شريحة من البشر تغلغلت لديهم هذه القناعات التي أفرزت مجموعات ليست بالقليلة ممن يسمون عبدة الشيطان لهم منتدياتهم ولقاءاتهم وعالمهم الخاص المعترف به في بعض الأوساط كحقيقة لها وجودها ولها المطالبة بحقوقها كحق مشروع يمثل جزءًا من الحرية العالمية المزعومة ومثل هذا ما يسمى بأندية العراة في العالم الغربي المنحط أخلاقيا حيث القناعات التي تخالف جميع القيم الإنسانية وتهوي بالإنسان إلى الدرجة البهيمية لكنها الفلسفات الفكرية الهمجية التي جاء بها دعاة الشيوعية والإلحاد والحرية الانحطاطية أمثال فيرويد ولينين وسارتر.

ومن المؤثرات السلبية الإيحاءات السلبية الجماعية التي يمارسها المحرضون عبر اللقاءات السرية بشكل يتسم بالحجر الفكري والتعبئة العدوانية لتحقيق أهداف ذات طابع تدميري وتخريبي للنيل من أمن البلد واستقراره ضمن خطط استراتيجية يرسمها أعداء للبلاد وأهلها بدوافع مبطنة ذات صبغة دينية للتمويه لاستدرار عواطف الناس والتغرير بالشباب للانضمام للتنظيمات السرية في هذا الشأن.

ومن المؤثرات السلبية السفر إلى مناطق الصراع الإقليمية والدولية والاحتكاك بالغرباء الذين يحملون الأفكار المشبوهة والمقاصد العدوانية والمناهج المضللة والعقائد الفاسدة المبنية على الشبهات والشهوات مما يؤثر سلبا على فكر الشاب وأخطر ما قد ينتجه التأثير السلبي هو التشبع بفكر التكفير وإسقاط العلماء مما يتيح للمرجعيات المضللة الإملاءات العدوانية على الشباب باسم الجهاد والاستشهاد.

ومن المؤثرات السلبية: دخول المواقع الإلكترونية المشبوهة التي تبث السموم الفكرية عبر أصابع استخباراتية بأسماء مستعارة وهمية يتستر وراءها المحرضون بأساليب ماكرة وطرق ملتوية لتحقيق أهداف خبيثة بإثارة الشباب للخروج على ولاة الأمر وتشكيل التنظيمات السرية، وكذلك المواقع الإباحية التي تفسد أخلاق الشباب وتدعوهم إلى المجون والشذوذ والفواحش وتعاطي المخدرات مما يدمر الشاب نفسيا وبدنيا لابتزازه ماديا من جهة وتدمير قدراته الإبداعية من جهة أخرى لخدمة أهداف استراتيجية يسعى لها العدو للإسلام والمسلمين. ومن المؤثرات السلبية: إطلاق العنان للنفس والهوى بارتكاب الموبقات وضعف الوازع الديني بترك الصلوات والعبادات مما يجعل الشاب يتبادل النفور والمقت مع مجتمعه المحافظ ليعيش في غربة بين أهله تدفعه في نهاية المطاف إلى الانتحار أو السجن أو الهروب إلى حيث المجهول وهنا لا بد لي من وقفة صريحة ناصحة حتى لا يجد أحدنا ابنه أو ابنته قد وصل إلى تلك المرحلة المدمرة ألا وهي استشعار التوجيه النبوي بأن كل منا راع ومسؤول عن رعيته فالرجل راع في بيته ومسؤول عن رعيته.. إذا لا بد من عدم الاعتذار بالانشغال بالأعمال المختلفة عن تربية ورعاية من جعلهم الله تحت رعايتنا فأعمالنا وأشغالنا مهمة جدا لكن رعايتنا لمن نعول أكثر أهمية فهل يعقل هذا التائهون في مشاغل الدنيا عن رعاية من يعولون؟ وكفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد