من الأجدر تغيير مجلس الأمن الدولي إلى مجلس الخوف الدولي؛ طالما أنه لا يردع الظالم عن ظلمه، بل إنه يعطيه المبررات الكافية للاستمرار في الظلم. قرار مجلس الأمن حول الحصار الإسرائيلي لغزة أشبه بالضوء الأخضر بالاستمرار في حصارها وتجويع أهلها وتحويل حياتهم إلى زمهرير قاتل في غياب التدفئة، وإلى موت محقق في غياب الأدوية. هذا القرار يساوي بين الجلاد والضحية، والظالم والمظلوم، ويصف الاثنين بأنهما ندان متصارعان، يمارس كل منهما العنف ضد الآخر، لدرجة أن يوهم القرار بأن إسرائيل هي المجني عليها والمضطرة إلى أن تدافع عن نفسها بتجويع شعب كامل أعزل.
مشكلة مجلس الأمن الدولي بل ومنظمة الأمم المتحدة بكل مؤسساتها أنها خاضعة لهيمنة الأقوياء من حلفاء إسرائيل وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. هذا الخضوع جعل قرارات مجلس الأمن عرضة لكل تغيير وتبديل، حتى يتم تفريغها من مضمونها، وتصبح بلا جدوى. وكم من (فيتو) استُخدم ضد القرارات التي لامست الحقيقة، ولا نقول قالت الحقيقة. فمجرد أن يَشْتَم أقوياء مجلس الأمن رائحة قرار ضد إسرائيل حتى يهبوا للدفاع عنها واستخدام صلاحيات ما بعد الحرب العالمية الثانية لإحباط القرار، أو تعديله لمصلحة الدولة العبرية العنصرية.
إسرائيل ماضية في غطرستها وممارساتها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني؛ طالما أن أكبر دولة في العالم وأكبر منظمة دولية يخدمان مصالحها، ويرعيانها، على حساب الحقوق الشرعية. هذا الإغراق في الظلم سيدفن عملية السلام ويدفن معها كل الآمال بحياة مستقرة وآمنة، وسيعمل على تأجيج القتال، وتوريثه من جيل إلى جيل. لقد أصبح مجلس الأمن عقبة في وجه السلام العالمي، بسبب الممارسات غير العادلة من قبل بعض الدول الدائمة العضوية فيه. ولقد أثبت هذا المجلس فشله في غير مرة في تحقيق الأمن، ويجب أن تتغير آلية إدارته؛ لتتوافق مع معطيات المرحلة الراهنة، ولإعطاء صوت دائم لدول أثبتت قدرتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية، وذلك من أجل عالم أكثر توازنا؛ حتى لا تأتي كيانات مثل إسرائيل لتتلاعب بالمجتمع الدولي عبر هيمنة جماعاتها الضاغطة على القرار السياسي في بعض الدول كالولايات المتحدة.