Al Jazirah NewsPaper Friday  25/01/2008 G Issue 12902
الجمعة 17 محرم 1429   العدد  12902

مدير عام التربية والتعليم للبنات ورئيس النادي الأدبي بمنطقة نجران للرسالة (1-2):
لابد من تكاتف الجهود لتسيير دفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

 

نجران - أحمد بن محمد السعدي

أوضح سعادة مدير عام التربية والتعليم للبنات بمنطقة نجران الدكتور محمد الناجم للرسالة أنه لا يمكن أن يتحقق الأمن والاستقرار الدنيوي والأخروي لمجتمع ما إلا حين تفعل شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تعتبر أهم عوامل ومقومات النجاح التي تضمن استقرار الشعوب والمجتمعات وتحقق أمنها مصداقاً لقوله تعالى {وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ}

وأضاف في حواره الذي خصنا به أنه من الكفران ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واضعين نصب أعيننا جميعا أنه لابد من تكاتف جميع الجهود لتسيير دفة هذه الشعيرة العظيمة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) لنضمن - بإذن الله - توفير جو تربوي إسلامي آمن للفتاة المسلمة بل للمجتمع كله.

وشدد سعادته على أن دور الأسرة لا يقل أهميةً عن دور المدرسة وقال: فلا يمكن أن نرى بناء شامخاً، ومكتملاً وهناك شخص واحد فقط يسعى لهدمه ما لم يتجه الجميع للبنيان وهذا ما يحدث في بعض الأحيان فقد تقوم الأسرة بالبناء ثم تأتي المدرسة لتهدم أو العكس قد تبني المدرسة

وتأتي الأسرة لتهدم، ودور الأسرة لا يقف عند توفير متطلبات الحياة وإشباع الرغبة الجسدية من المأكل والمشرب ثم تظن أن دورها قد انتهى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} التحريم، فالأسرة لابد أن توفر لأبنائها وبناتها المكان الآمن والحصن الحصين ضد متغيرات الحياة من خلال القدوة الحسنة لأبنائها والحرص على خلق جو من الألفة والمحبة والترابط، والبعد عن المشكلات الأسرية خاصة بين الوالدين قدر المستطاع.

هذا نزر يسير من حوار ماتع مع سعادته نترككم معه.

السيرة الذاتية

* السيرة الذاتية لسعادتكم؟

الاسم - الدكتور: محمد بن عبد العزيز بن عبد المحسن الناجم.

حاصل على شهادة الدكتوراه في المناهج وطرق التدريس من جامعة الملك سعود، ولدي لعديد من الإجازات الشرعية في القراءات السبع والحديث والعقيدة من عدد من المشايخ، وحاصل على شهادة التوفل في اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي، وتقلدت العديد من المناصب القيادية والتعليمية والتربوية في العمل التربوي ومؤسسات المجتمع، وشاركت في تأليف مناهج المواد الدراسية وتحليلها وتقويمها ومقارنتها بمناهج الدول العربية والأوربية والأمريكية، وقمت بتصميم عدد من البرامج في مجال طرق التدريس والتربية، وأعمل حالياً مدير عام التربية والتعليم بمنطقة نجران بنات، كما تم اختياري لمنصب رئيس النادي الأدبي بمنطقة نجران.

المعلمة والأمر والنهي

* ما الدور المطلوب من المعلمة في المجتمع للقيام بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟

أولاً لابد أن نتيقن جميعاً بأن المعلمة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلٌّ لا يمكن أن يتجزأ، بمعنى أن كل معلمة هي آمرة بالمعروف (كل ما فيه خير وسعادة ونفع للمجتمع بل للعالم كله بما يتوافق مع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم) ناهية عن المنكر (كل ما من شأنه أن يضر أو يؤثر سلباً على سلامة المجتمع وسعادته ورقية وتقدمه دنيا وأخرى)، ثم أيضاً بالنظر في وثيقة سياسة التعليم بالمملكة العربية السعودية التي صدرت الطبعة الأولى منها عام 1390هـ، بعد أن أقرها مجلس الوزراء بالقرار رقم 779 في 17-9-1389هـ، التي أوضحت أن (غاية التعليم في المملكة هو فهم الإسلام فهماً صحيحاً متكاملاً، وغرس العقيدة الإسلامية ونشرها وتزويد الطالب بالقيم والتعاليم الإسلامية وبالمثل العليا، وإكسابه المعارف والمهارات المختلفة، وتنمية الاتجاهات السلوكية البناءة، وتطوير المجتمع اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، وتهيئة الفرد ليكون عضواً نافعاً في بناء مجتمعه ولا يمكن أن يتحقق ذلك كله إلا بوجود أفراد يقومون عليه ويجعلونه ملموساً ومشاهداً على أرض الواقع.

وحيث كان الجزء الأكبر من هذه الأمانة ملقى على عاتق المعلمة التي لا ينتهي دورها عند إعطاء وإيصال المعلومة المتعلقة بمنهجها فحسب، بل لابد من أن تضع لها أهداف واضحة، وآلية تضمن - بإذن الله - تحقيق هذه الأهداف ونجاحها، من أهم مخرجاتها إيجاد مناخ تربوي وتعليمي يمكن الطالبة من اكتشاف قدراتها وتطويرها وتنمية الإبداع لديها بما يؤهلها لقيادة ذاتها نحو الإنتاج والعمران، ويجعل منها طالبة سوية إيجابية مبدعة منتجة بكامل طاقتها الإنتاجية، واضحة الهدف محددة المسار، تدرك مسؤوليتها نحو نشر الخير والعمران بما يرضي الله ورسوله وفق أولوياتها المنظمة، لتقوم بواجبها تجاه ربها ونفسها وولاة أمرها ووطنها ومجتمعها والعالم أجمع.

إذاً لا يكفي المعلمة أن تتعلم هذا الدين، بل عليها أن تتدرب على تطبيقه عملياً ليكون للعلم مدلول وملموس في حياة طالباتها وخلقهن وسلوكياتهن للارتقاء إلى مستوى رفيع من اللياقة، فالمعلمة المتميزة هي التي تقدم خدمة مهنية لأمتها من خلال تمكين تلميذاتها من اكتساب المعارف والمثل العليا، وتذوقهن معنى الحرية الحقيقية والمسؤولية، ومن خلال تمكينهن من اكتساب مهارات التفكير الناقد، والمواطنة الصالحة، وإذا ما قيل إن مستقبل الأمة ومصيرها إنما يكونان في أيدي أولئك الذين يربون أجيالها الناشئة، فلن يكون ذلك القول بعيداً عن الصحة، إن لم يكن مطابقاً لها، ومن هنا كانت مكانة المعلم بين الأمم مكانة رفيعة جداً.

ونحب أن نوضح لأخواتنا المعلمات المطلوب منهن في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فالمهام والأدوار تختلف كل حسب إمكاناته وقدراته بل والصلاحيات المتاحة له في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد رسم لنا الشارع سبحانه المنهج الصحيح في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موضحاً درجاته وأحواله كما قال - صلى الله عليه وسلم - (من رأى منكم منكراً فيلغيره بيده...).

فتارة يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد (وهو خاص بولي الأمر أو من فوضه) وأخرى باللسان عن طريق النصح والإرشاد بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة أما القلب فالإنكار به صفة لا تنتفي من قلب إلا كان دليل ضعف إيمان صاحبه، وتستطيع تفعيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خلال إخلاصها العمل لله ومراقبته في كل أحوالها واستشعار الأمانة الملقاة على عاتقها، والتزام منهج الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث كان يكثر من التلميح أكثر من التصريح (ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا).

تعهدني بنصحك في انفراد

وجنبني النصيحة في الجماعة

فإن النصح بين الناس نوع

من التجريح لا أرضى استماعه

فإن خالفتني وتركت قولي

فلا تجزع إذا لم تلق طاعة

حريصة على التأني وعدم الاستعجال، مستخدمة اللطف واللين {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (159) سورة آل عمران. والوسطية والاعتدال {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (153) سورة الأنعام. أؤكد على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقدوة الحسنة، فلا يصح أن تتناقض أقوال الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر مع أفعاله، لعل في حديث الرجل الذي تجر أقتابه يوم القيامة لأنه كان يأمر بالمعروف ولا يأتيه وينهى عن المنكر ويأتيه ما يكفي للدلالة على خطورة الأمر، ولكن لنحذر مدخل الذريعة التي زينها الشيطان للبعض بأنه لا يستطيع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأنه مقصر أو لديه ذنوب فلو اتخذت هذه القاعدة لما كان هناك آمر بمعروف ولا ناهٍ عن منكر.

الأمن النفسي

* كيف نستثمر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في توفير جو تربوي إسلامي آمن للفتاة المسلمة مع إيضاح الدور الأسري المطلوب في ذلك؟

- لا يمكن أن يتحقق الأمن والاستقرار الدنيوي والأخروي لمجتمع ما {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} (117) سورة هود، ونعني الأمن النفسي والجسدي والعقلي والاجتماعي والتربوي.. إلا حين تفعل شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تعتبر أهم عوامل ومقومات النجاح التي تضمن استقرار الشعوب والمجتمعات وتحقق أمنها مصداقاً لقوله تعالى {وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ}، ومن الكفران ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واضعين نصب أعيننا جميعا أنه لابد من تكاتف جميع الجهود لتسيير دفة هذه الشعيرة العظيمة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) لنضمن - بإذن الله - توفير جو تربوي إسلامي آمن للفتاة المسلمة بل للمجتمع كله، ولعلنا نجد معنى ذلك في الحديث الذي رواه البخاري وأحمد والترمذي عن النعمان بن بشير - رضى الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (مثل القائم على حدود الله، والواقع فيها، كمثل قومٍ استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها، وأصاب بعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فآذوهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً.

فعلى سبيل المثال السرقة ظاهرة خطيرة إذا نتشرت في المجتمع التربوي هددت أمنه واستقراره فكيف يمكن التخلص منها والقضاء عليها إلا من خلال شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سواء باليد من قبل ولي الأمر أو من ينيبه أو باللسان من خلال المناصحة وبيان أضرار هذه العادات السلبية، أو بالقلب من خلال استقباح هذا العمل وعدم التعاون مع فاعله أو الرضا عنه. فبهذه الطريقة - بمشيئة الله - تصبح البيئة التربوية آمنة مستقرة.

كما أوضح لنا ذلك المعلم والمربي الذي أرسله الحق إلى مجتمع تكاد تنعدم فيه معاني الأمن والاستقرار نظراً لانعدام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسيادة منهج لا دخل لي بالآخر، فتحقق بدعوته - صلى الله عليه وسلم - الأمن في أسمى صوره حتى أخبر - صلى الله عليه وسلم - بأنه باستمرار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفق ضوابطه الصحيحة يأتي الزمن الذي يسير فيه الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئب على شاته.

ودور الأسرة لا يقل أهميةً عن دور المدرسة فلا يمكن أن نرى بناء شامخا ومكتملا وهناك شخص واحد فقط يسعى لهدمه ما لم يتجه الجميع للبنيان، وهذا ما يحدث في بعض الأحيان فقد تقوم الأسرة بالبناء ثم تأتي المدرسة لتهدم أو العكس قد تبني المدرسة وتأتي الأسرة لتهدم، ودور الأسرة لا يقف عند توفير متطلبات الحياة وإشباع الرغبة الجسدية من المأكل والمشرب ثم تظن أن دورها قد انتهى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} التحريم، فالأسرة لابد أن توفر لأبنائها وبناتها المكان الآمن والحصن الحصين ضد متغيرات الحياة من خلال القدوة الحسنة لأبنائها والحرص على خلق جو من الألفة والمحبة والترابط، والبعد عن المشكلات الأسرية خاصة بين الوالدين قدر المستطاع، واستشعار المسؤولية الملقاة على عاتق الوالدين (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) وكذلك الحوار البناء مع الأبناء فلا يكفي منع المنكر بالقوة والشدة وإن كان الحزم مطلوباً في بعض الأحيان، ولكن يحرص الوالدان على تنمية الحصانة الداخلية التي تبقى مع الأبناء والبنات داخل المنزل وخارجه، كذلك أمر مهم جداً جداً وهو التأكيد على إشباع العاطفة للأبناء والبنات وإعطائهم الجرعة الكافية التي تجعلهم غير محتاجين بعد ذلك إلى البحث عن الحب والحنان خارج المنزل فيتلقفونه بمجرد أن يعرض عليهم من أي شخص كائنا من كان، وباستعداد لبذل ما يطلب منهم في سبيل الحصول على الحب والعطف والحنان الذي نرى من نتائجه السلبية وعواقبه الوخيمة الوقوع في شباك المعاكسات وخاصة الفتيات، والوقوع في فخ المخدرات..، ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خير قدوة في تعامله المتميز والفريد مع زوجاته وبناته وأحفاده مما جعلهم يحبونه بل ويحرصون كل الحرص على طاعته كأب ومرب ورسول كريم - صلى الله عليه وسلم -.

الحديث عن دور الأسرة يطول ولكن من أهم الوسائل التي تنفع دور الأسرة هو وجود وعي لدى الوالدين وإدراك كل منهما مسؤولياته وتطوير أساليبه التربوية بحضور الدورات والبرامج التي تعنى بالتربية ووسائلها والاطلاع المستمر، ولا ننسى أولاً وأخيراً الدعاء الدعاء {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}، سورة الفرقان.

المدارس التربوية

* ما تأثير المدارس التربوية الحديثة على التربية الإسلامية وخاصة تربية المرأة المسلمة؟

- نلاحظ أن كثيراً من الناس يختلفون في تعريف أو فهم معنى التربية الحديثة، فالبعض ينظر لها نظرة تشاؤم والبعض نظرة تقديس وكمال والصحيح أن الإسلام يسعى إلى التطور والتقدم وكل ما من شأنه أن يرقى بمستوى الأفراد والجماعات وفق الأسس السليمة التي شرعها الخالق سبحانه التي لا تتصادم أبداً مع أي تطوير حقيقي يخدم الكون بما فيه ويطوره حاضراً ومستقبلاً، وبفضل الله نجد أن ولاة أمرنا - حفظهم الله - حريصين كل الحرص على تطوير محاضن التربية والتعليم بكل ما من شأنه أن يرقى بالمجتمع بأكمله وفق الضوابط التي رسمها الشارع مستفيدين في ذلك من تجارب الآخرين ومسخرين جميع الإمكانات لنخرج جيلاً متقدماً دينياً وتربوياً وعلمياً وعملياً، ونرى كيف أنه ظهرت مدارس تربوية حديثة في بعض مناطق المملكة وفق أصول ثابتة مستفيدة من تجارب الغير بما يخدم أفرادها ومجتمعها ولا يتعارض مع أسسها وثوابتها وكيف نجحت في ذلك، ولكن إذا قصدنا بالمدارس التربوية الحديثة تلك المدارس المرتبطة بالعقيدة غير الإسلامية وتصوراتها الضالة التي قام بناؤها على أسس إلحادية أو علمانية فهي تربية قد أفسدت التربية والمجتمع جميعاً، فالتربية لا يمكن أن تكون صالحة ومصلحة إلا في إطار غايتها العظمى وهي تحقيق العبودية لله تعالى، وهذه التربية الحديثة لم تحترم أنوثة المرأة، بل دفعتها إلى مخالطة الرجل ومنافسته، حتى ظهر الانحراف الجنسي وتفشى الشذوذ، وفي الوقت الذي أهدرت فيه هذه التربية كرامة المرأة دفعت بالكثير منهن إلى بؤر الضوء ومراكز الشهرة، ويرى كثير من الباحثين أن آراء الفرنسي (جان جاك روسو) هي التي بشرت بميلاد التربية الحديثة، ويتحدث عنه كثير من تربويينا المعاصرين بإعجاب شديد، ومنهم من يسميه: (شيخ المربين وحامي لواء التربية الحديثة) ويزعم هؤلاء أن رجال تاريخ التربية كادوا يتفقون على أن (روسو) هو (رسول التربية) في العصور الحديثة! وحيث يعد (روسو) رائد (المذهب الطبيعي) وواضع أصوله، ومن أصول ذلك المذهب أن الفرد هو شعار التربية، وأن التعبير عن الذات هو الهدف النهائي لها، وبنى الطبيعيون على هذا أن التربية القويمة لا تتحقق إلا بإطلاق الحرية التامة للأطفال، وأن من مقتضيات الحرية أن يكون التعليم مختلطاً، وأن يسمح بالرقص والسباحة والتعري ومناقشته مسائل الجنس بلا تحفظ، أما المشكلات الجنسية فترجع أسبابها - بزعمهم - إلى رغبة الآباء الذين يريدون حمل أبنائهم على مبادئ الدين وقواعد الأخلاق! والصواب - بزعمهم أيضاً - أن تكون تربية الطفل بين سن الخامسة والثالثة عشرة سلبية، لا يعلم فيها الطفل شيئاً ولا يربى خلالها أي تربية، بل يترك للطبيعة، محاطاً بأجهزة وأدوات من شأنها أن توسع مداركه، ويؤمن الطبيعيون بأن التربية هي عملية إعداد للحاضر لا للمستقبل، ومن الخطأ - عندهم - أن يضحى بالحاضر المتيقن في سبيل مستقبل مظنون..... إلى آخر ما يريدون.فالمدارس التربوية الحديثة التي اتخذت من منهج (روسو) منهجاً لها ونادت به وطبقته في مدارسها كما نرى في كثير من البلدان كان من أهم مخرجاتها ما نشاهده على وسائل الإعلام المختلفة من مناظر يندى لها الجبين لبعض بنات المسلمين اللاتي جعلن من أجسادهن سلعة رخيصة بدعوى الحرية والتطور الذي ما برحنا نرى ونشاهد عواقبه الوخيمة في البلاد غير الإسلامية اللذين كانوا وما زالوا ينادون بالحرية المزعومة ويؤكده إخفاقهم في وقف التدهور السلوكي الذي ينذر المجتمعات الغربية بأوخم العواقب، فأقول للمرأة المسلمة: الحذر من التبعية والتقليد الأعمى والمصطلحات البراقة التي يتخفى وراءها ما فيه ضررك، ولنتذكر حديث (لتتبعن سنن من قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) فلنأخذ ما ينفعنا مما يتوافق مع ديننا ومبادئنا ولنترك ونتجنب ما فيه ضرر على ثوابتنا وقيمنا.

** العلاقات العامة والإعلام بفرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة نجران


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد